مصطفى النعيمي – لطالما تميزت بغداد بحدائقها وبساتينها الساحرة والخلابة التي تحتضنها على أسوارها، والأشجار الكثيفة و المزارع التي تمتد على ضفاف نهر دجلة الذي يعطي رونقاً و جمالاً خاص للمدينة التي اشتهرت منذ القدم بعراقتها و تاريخها و اصالتها، ارض الشعراء و المثقفين و التي كانت قبلة و منارة العلم و الثقافة و الجمال ولكن في السنوات الاخيرة نرى هذا الجمال قد بدأ يتلاشى ويذبلُ سنة بعد سنة.
بسبب الحروب و صراعات الاحزاب على المناصب، والإهمال الحكومي والفساد الذي نخر في جسد العراق و بغداد خاصة، وعدم وجود رؤية مستقبلية زادت من أوجاع هذه المدينة العريقة و انهكتها و اضعفتها ومع تزايد النمو السكاني الذي يقدر بحوالي ١٠ ملايين نسمة في مدينة بغداد وغلاء سعر العقارات التي وصلت إلى أرقام خيالية، بالاضافة عدم و جود دور سكنية نظامية، فيلجأ سكان المدينة إلى شراء الراضي الزراعية و تجريفها و التي تعد اقل تكلفة نسبياً من البيوت النظامية و قاموا في بنائها وتقسيمها إلى قطع صغيرة لا تتجاوز الخمسين متراً بطرق عشوائية غير منظمة وخاصتاً في مناطق حزام بغداد التي كانت تتميز بكثافة أشجارها ومساحتها الخضراء الشاسعة و بساتينها، هذا ما أثر سلباً على المظهر العام للمدينة ويؤثر بشكل كبير ومقلق أيضاً على المناخ.
ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف لتصل إلى مستويات غير مسبوقة و التلوث البيئي و لصحي و العواصف الرمليه و الاتربه التي اجتاحت شوارع بغداد بسبب اختفاء المساحات الخضراء على اسوار المدينه ، الأمر الذي يجب على الحكومة العراقية التركيز عليه وأن تأخذ قرارات وحلول جدية و صارمه باقرب وقت لهذا الموضوع ذلك لوضع حد للزحف السكاني العشوائي وللسيطرة عليه قبل فوات الأوان.
أن توفير وحدات سكنية و مجمعات بطرق مدروسة و منظمة لا يأثر سلبا على المدينه وتحديث البنى تحتية لتستطيع احتواء هذا العدد السكاني الهائل و أعادة العمل على تخطيط وتأهيل مدينة بغداد وعمرانها من جديد و دعم حملات التشجير و تنشيط دور امانة بغداد لتوعية و تثقيف سكان المدينه وفرض الغرامات للحد من هذه الظاهره التي تقتل بيئتها، لتعود تلك الصورة الجميلة عن بغداد السلام والتاريخ، منبع الثقافة، تلك المدينة الساحرة التي تغزل بها الشعراء وكتبوا عنها أروع القصائد و تغنى بها الفنانون،و كتبت عنها اروع القصص و الروايات لتعود إلى مكانتها بين صفوف المدن المتقدمة كما عرفت في كل زمان بغداد المجد.