علي كريم إذهيب – على الرغم من الخروج لمنتخبنا الوطني من بطولة أمم آسيا التي أقيمت في قطر كان طموح العراقيين الحصول على الكأس والذي هو انعكاس للمسيرة الرياضية للسنوات السابقة التي حاول فيها العراق الحصول على ألقاب جديدة في خطوة لإيصال رسائل عديدة إلى الخارج منها أن الشعب العراقي محب للكرة وأن اراضيه مهيئة تمامًا لإقامة البطولات الدولية منها استضافة مونديال كأس العالم وكأس آسيا وغيرها من البطولات الدولية.
يعد علم الاقتصاد الرياضي من العلوم الحديثة بالمقارنة مع علم الرياضيات و علم الاقتصاد, و هو يسعى إلى نمذجة المسائل الاقتصادية و لا يعتبر فرعاً من فروع علم الاقتصاد و إنما هو عبارة عن أسلوب و منهج رياضي في التحليل الاقتصادي والتخطيط الاقتصادي, و هو علم متنامي مع دخول عصر الحوسبة و استخدام المقاييس الكمية.
لقد نشأت الحاجة إلى تطبيق الأساليب الرياضية في العلوم الاقتصادية، من أجل فهم طبيعة العلاقات الاقتصادية، ولهذا فقد نشأت هذه الأساليب كوسائل إقناع كمية للعلاقات الاقتصادية اللفظية، وإضافة لذلك فقد أفادت الأساليب الرياضية في فصل الاقتصاد عن السياسة، وفك تسمية (الاقتصاد السياسي) عن علم الاقتصاد وتحويله إلى اقتصاد كمي، أو ما يطلق عليه بـ (الاقتصاد الرياضي).
إن مدن العالم المختلفة تتسابق محلياً وعالمياً لاستضافة الأحداث الرياضية لما لهذه الاستضافة من مردود اقتصادي، إضافة إلى ما تجنيه من منافع معنوية وسمعة دولية، لأن نظام الرياضة في شكله العام يقوم على دعائم اقتصادية مثل ميزانيات الأنشطة والبرامج والأدوات والأجهزة وأجور المدربين والإداريين والمكافآت وحوافز الرياضيين.
إن الغرض الأول للعلاقة بين الرياضة والاقتصاد يتصل باعتماد الرياضية على الاقتصاد لتمويلها، كما أن التزايد المستمر في عدد ممارسي الرياضة قد أفرز سوقاً رابحة في مجال إنتاج وتسويق واستهلاك الأجهزة والأدوات والملابس الرياضية، مما يدعوننا إلى تقرير أن الغرض الثاني للعلاقة بين الرياضة والاقتصاد يتصل برعاية المصالح التجارية والاستهلاكية للرياضة كمصدر للربح ووسيلة دعاية ناجحة.
تشكل الرياضة في بعض الأحيان دخلاً هاماً من مداخل الاقتصاد الوطني أن استثمرت بالشكل الصحيح ولعل العديد من الدول المتقدمة لاحظت أن بعض أنواع الرياضة يمكن أن تكون أحد مقومات العمل السياحي، ومن أجل أن يكون العمل الرياضي متمشياً مع عمليات التطوير لابد من اعتبار الاستثمار أحد وسائل التمويل للرياضة ولتحقيق ذلك لابد من تسهيل عمليات وإجراءات الاستثمار في الرياضة ورفع القيود عنها.
كما إن الاستثمار في دعم الأنشطة الرياضية من قبل الشركات المحلية هو إسهام في خدمة مجتمعها وتعزيز سمعتها وتواصلها مع المجتمع وهو أيضا له عوائد اقتصادية ستجنيها هذه الشركات على المدى القريب والبعيد كشراكة بين القطاعين العام والخاص، فالرعاية للأنشطة الرياضية ومشاركة القطاع الخاص في تبني رياضات معينة وتقديم العون والرعاية لرياضيين يمتلكون الإمكانية للبروز عالميا هي من أفضل الأعمال الوطنية المجدية اقتصاديا، ولكن هذا الأمر في حاجة إلى توعية وخطط واستراتيجيات، فنحن سوق مهمة لمنتجات الكثير من الشركات الكبرى في الصناعات الرياضية وغير الرياضية في العالم ولا بد لنا أن نوظف هذه الإمكانية للدفع بهذه الشركات لاستثمار بعض عوائدها في دعم الرياضة المحلية وبناء المرافق الخاصة بها.
الشركات الرياضية وغير الرياضية تدرك المردود الاقتصادي للرياضة ولكنها لا تبادر من نفسها للإسهام في هذا المجال وعلينا أن ندفع بها إلى ذلك من خلال وضع الخطط المطلوبة وإعداد الظروف والأجواء المحفزة لها وهذه من مسؤولية المجتمع والمؤسسات العاملة في الحقل الرياضي.
تجربة التنين!
في تجربة أولمبياد بكين في الصين، وبعيداً عما أثير من أمور سياسية حول هذه الأولمبياد بسبب الاضطرابات التي حدثت وقتها في إقليم التبت، إلا أن الصين ومنذ سنوات عديدة استثمرت أموالاً ضخمة استعدادا لهذا الحدث الرياضي الأضخم عالمياً، فالشركات الصينية وبالتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة في المنتجات الرياضية وغير الرياضية قامت باستعدادات كبيرة لطرح الكثير من منتجاتها وعلى اختلاف أنواعها لتسويقها في الصين وخارج الصين سوآء خلال الدورة أو حتى بعد انتهاء الدورة.
الصناعات المتخصصة في المنتجات الرياضية مهتمة جدا بتوظيف مثل هذه المناسبات الرياضية لتسويق منتجاتها وزيادة مبيعاتها، والدول المستضيفة هي الأخرى ترى أن إقامة مثل هذه المناسبات هي فرصة لها لاستقطاب الشركات في هذا المجال ليس فقط لتقديم الدعم للقيام بهذه الدورات وإنما أيضا لتشجيعها على الاستثمار في بناء وتأسيس المصانع والشركات المحلية المصنعة لمثل هذه المنتجات، وهناك أيضا اهتمام بالرياضة والأحداث الرياضية بسبب ما لها من تأثير إيجابي وملموس على قطاع السياحة للدول المستضيفة، فإقامة الدورات والمناسبات الرياضية تتطلب الاستثمار في تطوير البنية التحتية وأنظمة النقل والمواصلات وبناء الكثير من الفنادق والمرافق السياحية والتجميلية وهذه كلها سيكون لها مردود كبير على قطاع السياحة، إضافة إلى ما تعود به الحملات الإعلامية والدعائية لهذه المناسبات من إيجابية في تعزيز الصورة السياحية لتلك المدينة والدولة التي تقام فيها تلك المناسبة.
فالصين سابقاً خططت لاستثمار ذلك الأولمبياد لتعزيز موقعها السياحي في الخريطة العالمية، فبكين والمدن الصينية التي شاركتها في استضافة فعاليات الأولمبياد كلها طورت بنيتها التحتية وحسّنت مرافقها وخدماتها وكل هذا كان عائداً في صالح اقتصاد تلك المدن ولصالح الصين عموما.
أهمية الاقتصاد الرياضي تتمثل في:
1. تحليل السلوك الاقتصادي: يتيح الاقتصاد الرياضي فهم أسباب وتأثيرات أنماط السلوك الاقتصادي، مثل العرض والطلب والتكاليف والأرباح. يمكن استخدام النماذج الرياضية لتوقع التغيرات في السوق وتحسين استراتيجيات الأعمال واتخاذ القرارات الاستثمارية.
2. تحليل السياسات الاقتصادية: يساعد الاقتصاد الرياضي في تقدير تأثير السياسات الاقتصادية المختلفة، مثل زيادة أو تخفيض الضرائب أو تغيير سياسات النفقات الحكومية. يمكن استخدام النماذج الرياضية لتحليل تأثير هذه السياسات على النمو الاقتصادي، والتضخم، والبطالة، والتوزيع الداخلي.
3. تحسين استراتيجيات الأعمال: يمكن استخدام الاقتصاد الرياضي لتحليل وتحسين استراتيجيات الأعمال. يمكن استخدام النماذج الرياضية لتحليل السوق وتجارب الأسعار وتحسين تخطيط الموارد واتخاذ قرارات التسعير والتسويق.
4. التخطيط الاقتصادي: يمكن استخدام الاقتصاد الرياضي لتحليل وتخطيط الاقتصاد الوطني والإقليمي. يمكن استخدام النماذج الرياضية لتحليل النمو الاقتصادي والتوزيع الداخلي والتوظيف والاستثمار وحجم الإنتاج والتجارة الدولية.
بشكل عام، الاقتصاد الرياضي يساهم في توفير أدوات تحليلية قوية لفهم وتحسين الأداء الاقتصادي واتخاذ القرارات الاقتصادية الأمثل. الحقيقة أن الرياضة أصبحت اليوم صناعة قائمة بذاتها وإن الاقتصاد المحلي والعالمي يتأثر بها بما يستثمر فيها من موارد وبما يعود منها من عوائد إلا أن هناك الكثير ممن يطالب بالحفاظ على التوازن بين جوانبها الاقتصادية ومنافعها الاجتماعية.