تجربة منصة “شييك” في إيصال تدقيق المعلومات إلى ذوي الإعاقة البصرية

شارك الخبر

في سياق يتسم باضطراب المعلومات، باتت الحاجة ملحة إلى منصات تدقيق المعلومات، خصوصًا في أوقات الأزمات والصراعات، ومع تزايد أدوات توليد المحتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي. ولكنّ التّحدي الذي يواجه مدققي المعلومات يبقى إيصال تقاريرهم وعملهم إلى أكبر قدر ممكن من المتابعين. وإن كانت البحوث والدراسات العلمية تخبرنا بأن انتشار المعلومات الخاطئة والمضللة أكبر بكثير من وصول تقارير تدقيق المعلومات، فإنّ هذه التقارير لا تستهدف كل فئات المجتمع، مثل ذوي الإعاقة البصرية الذين قد يتعرضون للتضليل بدون أن يكون بإمكانهم الاطلاع على عمليات تفنيد المعلومات المغلوطة أو التمكن من المهارات والأدوات التي تسمح لهم بالتحقق من الأخبار وكشف تكتيكات التلاعب.

ولكن ماذا لو كان مدقق/ة المعلومات من ذوي الإعاقة البصرية، هل يعني ذلك أنه ينجح في فهم احتياجات هذه الفئة من الجمهور ويساهم في إيصال تدقيق المعلومات لها؟ قد تكون قصة ريما حسن من منصة “شييك” المتخصصة في تدقيق المعلومات الإجابة المثالية على هذا السؤال، فهي تحرص على أن تصل تقارير تدقيق المعلومات إلى الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية.

وصول المحتوى بدون تمييز

تقول حسن لـ”شبكة الصحفيين الدوليين” إن أهمية أن يكون “مدقق معلومات من ذوي الإعاقة تكمن في مساهمته في تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص أمام الجميع بدون تمييز، وأيضًا حتى يكون الأشخاص ذوو الإعاقة قادرين على التعبير عن أنفسهم واحتياجاتهم ويكون لهم دور في تنمية المجتمع وصنع القرار”. وتضيف: “من أجل ذلك قامت “شييك” بإعطائي فرصة بأن أكون منسقة لمشروع “شييك بالعربي” الموجه للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، ورشحتني لحضور مؤتمر أريج 2023 وكان لي دور في رصد بعض الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية عبر الإنترنت، والمشاركة في إنتاج حلقة بودكاست”.

وقد حرص فريق “شييك” كما تخبرنا حسن على “الحصول على تدريب متخصص في بروتوكول التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، والمصطلحات الإعلامية المتخصصة حول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة حتى يتمكن الفريق من التعامل مع المحتوى الذي يتناول قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة بموضوعية وبشكل متوافق مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوق الإنسان”.

الكلمة المفتاح بالنسبة لريما حسن هو أن يصل المحتوى بدون تمييز وتقول: “ما أسعى إليه من خلال عملي كمنسقة مشروع شييك بالعربي هو الوصول لفئة أوسع من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية على مستوى الوطن العربي لتدريبهم وتعزيز التفكير الناقد لديهم وتصبح منصة “شييك” أكبر منصة عربية تعمل على إنتاج محتوى إخباري صوتي ومكتوب يراعي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية بدون تمييز”.

ولكنّ عمل ريما حسن كمدققة المعلومات بمنصة “شييك“، وهي أيضًا مرشدة نفسية و تربوية، ومدربة في إتيكيت التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، لا يخلو من تحديات، إذ تواجه التحديات في عملها كمدققة معلومات من ذوي الإعاقة البصرية مثل “صعوبة الوصول إلى الأدوات التي تساعدها في التحقق من الأخبار، فكثير منها غير متوافق مع برامج قارئات الشاشة، ولا يرافق المحتوى البصري من صور وفيديوهات أي وصف”.

ولكن كيف اتخذت منصة شييك هذا التوجه؟ يروي موسى أبو قاعود وهو صحفي ومدقق معلومات ومؤسس منصة “شييك” الأردنية لـ”شبكة الصحفيين الدوليين” بداية المشروع التي انطلقت في لبنان، حيث أمّنت المنصة دورة تدريبية في إحدى المناطق النائية في لبنان، وكان أحد المشاركين من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، عندها اتضح للفريق أن المحتوى الذي يقدمونه لا يشمل الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية.

ومن هنا انطلقت الفكرة بتساؤل حول كيفية “مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في الوصول إلى المعلومات لتتحول بعدها إلى مقترح لمشروع إعلام وابتكار للحلول الرقمية المحاربة للمعلومات المضللة.” ويوضح أبو قاعود أنه “بعد التنافس مع 16 مشروعًا من الوطن العربي، فاز فريق “شييك” بفضل فكرة دمج الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن الفرصة المقدمة من مشروع شبكة الإعلام والابتكار من أجل السلام الممول من الاتحاد الأوروبي وتنفيذ مؤسسة ليدرز الدولية بالتعاون مع دويتشه فيله أكاديمي ومؤسسة البيرو ميديا.

ما هي الخدمات التي تقدمها منصة شييك لذوي الإعاقة البصرية؟

يشمل موقع منصة “شييك” نظام قراءة رقمي يسهل على الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية التنقل فيه وهو ما يعرف بـ”Screen Readers”، وإضافة وصف للصور والرموز في الموقع بلغة يمكن لقارئ الشاشة فهمها، بحيث لا يقتصر على عرض الشكل فقط. كما أن إنتاج الموضوعات على المنصة يشمل آلية لشرح مقاطع الفيديو والصور للأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى إتاحة خاصية الاستماع إلى بعض الموضوعات. وتستعد منصة “شييك” لعقد تدريب وجاهي مكثف لتعزيز احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم أكثر في المشروع.

وتضمن هذا المشروع كما يوضح الصحفي ومدقق معلومات ومؤسس منصة “شييك”  موسى أبو قاعود تدريب وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة على تعلم كيفية مكافحة المعلومات المضللة ورصد خطاب الكراهية. وقد تم تدريب 60 شخصًا من الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن من الأشخاص ضعاف البصر والأشخاص فاقدي البصر.

وهنا يمكن الاطلاع على المحتويات التي أنتجها الأشخاص ذوو الإعاقة البصرية على منصة “شييك“. ومنها مقالات حول الخطاب الإعلامي والتضليل وخطاب الكراهية. وهنا يمكن الاستماع إلى حلقات بودکاست شارك في إنتاجها الأشخاص ذوو الإعاقة البصرية أيضًا.

تربط اليونيسكو النفاذ إلى المعلومات بضرورة تطوير وتعزيز التكنولوجيا وإنتاج محتوى يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المتنوعة للأفراد. وذلك هو السبيل “لتجاوز الحواجز التقنية وامتيازات المستخدم في مجالي المعلومات والاتصالات وبناء بيئة اتصالية متعددة الأوجه”. وتضع اليونيسكو أربع سمات لتواصل خال من العقبات وهي: الوصول الحر إلى التكنولوجيا، والنفاذ إلى استخدام التكنولوجيا، والنفاذ إلى المحتوى، والفهم الخالي من الحواجز.

وفي وقت يتزايد فيه عدد المؤسسات المتخصصة في تدقيق المعلومات في العالم العربي بشكل مستمر، قد تغفل في خضم كفاحها ضد المعلومات الخاطئة والمضللة أهمية نفاذ ذوي الإعاقة إلى محتواها. وإلى حين إتاحة أدوات وتقنيات تحقق نفاذ ذوي الإعاقة البصرية أو السمعية بشكل كامل إلى مختلف محتويات وأدوات تدقيق المعلومات والتربية الإعلامية، قد يكون تنويع المحامل التي يُقدم عليها المحتوى بداية ناجعة، فتكون تقارير التدقيق مكتوبة ومسموعة ومرئية علها بذلك تصل إلى أكبر قدر من فئات المجتمع.

الصورة الرئيسة لفريق منصة شييك خلال المشاركة في ملتقى أريج.