تمكين المرأة

شارك الخبر

د. اسراء باقر الكاظمي – فبالرغم من الجهود المبذولة والإنجازات التى تحققت للمرأة العربية عمومًا، وللمرأة العراقية خصوصا فى عدة مجالات اقتصادية واجتماعية، وهى الجهود التى تسعى لتمكين المرأة من المشاركة فى الأنشطة الإجتماعية والاقتصادية والسياسيّة، إلا ان هناك العديد من المعوقات التى تحول دون وصول المرأة العراقية إلى درجات عالية من التمكين، لما يمتاز به المجتمع العراقي من سيسيولوجيا خاصة، فعندما نستحضر المجتمع العراقي، فيتبادر إلى أذهاننا أرجائه كافة العناصر والطبقات بدءاً من التقليدية وانتهاءاً بالمعاصرة والحديثة. وأن قضية التمكين للمرأة تزداد بشكل واضح في ظل بعض المجتمعات التي تحصر دور المرأة في الإنجاب، وإدارة شؤون المنزل.

أكثر العوامل إعاقة لتمكين المرأة هي العوامل الإجتماعية تلاها العوامل الاقتصادية والسياسية ثم أخيرا العوامل الشخصية.

إن البحث عن معوقات تمكين المرأة يجعلنا نفرض، هناك مجموعة من العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والشخصية التي وقفت عائقاً من تمكين المرأة العراقية.

فحصر المجتمع بنظرته الضيقة، وبخلفياته الثقافية والاجتماعية التقليدية والعرفية دور المرأة العربية في البيت وفي بعض الأعمال الفنية، كما أنه لم يضمن لها الحرية الكافية للتخطيط لمستقبلها بشكل حيادي، أو المساحات الكافية للاختيار، ووفق ثقافة المجتمع العربي القائمة على “ثقافة العيب والحرام من جهة” وعلى اعتبار المرأة أماً وزوجة في المقام الأول، فقد تم تحديد دورها الأهم في أسرتها فقط، وتقليص دورها في التنمية سواء كانت الاجتماعية أو الإدارية أو الثقافية أو السياسيّة.

وتوجد العديد من المعوقات والصعوبات ذات المضمون الاجتماعي، التي تعرقل انطلاق دور المرأة المساند والمكمل لدور الرجل في مجالات الحياة كافة.

وعلى مستوى المجتمع العراقي، قد بينت نتائج البحوث أن أسباب عزوف المرأة العراقية للعمل بالمشروعات الإنتاجية والصناعية المهمة، هذه الأسباب تعود إلى اتجاهين هما:

– الاتجاه الأول:  يرى في المرأة أنها كائناً ضعيفاً وظيفتها في شؤون الأسرة فقط، وأن دورها في تربية الأولاد ومسؤوليتها عن الأسرة، وأن خروج المرأة مع الرجل خارج المنزل واختلاطها بالرجال أمر مناف للتعاليم الروحية والأعراف الاجتماعية.

– الاتجاه الثاني: وهو اتجاه يتميز بتحرره نسبياً، ويعترف بحق المرأة في العمل، ويرى هذا الاتجاه أن هناك مهن تتناسب وطبيعة عمل المرأة مثل مهن الخياطة، والتعليم والتربية، بينما هناك أعمال لا يجوز للمرأة العمل بها، وذلك لأنها تتعارض مع طبيعتها ومع التقاليد الاجتماعية الموروثة.

وتشير البيانات المستخلصة من الدراسات والإحصاءات التي قامت بها جامعة الدول العربية (إدارات الإحصاء وإدارة المرأة والأسرة) حول واقع المرأة العربية أن أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية تؤثر في مشاركتها في النشاط الاقتصادي لمجتمعها وموضوعها على السلم الإداري والوظيفي، لذا فالفقر والأمية، والرغبة في تكوين أسرة في عمر مبكر، وتكوين أسرة كبيرة، وما يتبعها من ضرورة الاعتناء بها، والتفرغ التام لها، يجعلها بعيدا عن تمكينها إدارياً واجتماعياً، فالدور الأسري للمرأة قد يجبرها على اختيار الأعمال التي تتطلب وقتاً وجهداً أقل.

ونتيجة للظروف التي تمر بها من حمل وولادة وتربية الأطفال، يجعلها غير قادرة  على تحمل متطلبات الأعمال الإدارية وما تتطلبه من متابعة، وتنفيذ، وجهد وسفر، ومن اختلاط دائم وحيوي مع الموظفين، وما تفرضه طبيعة العمل من تداخلات وظيفية يومية  هذا اضافة الى ان الموروث الاجتماعي السلبي الذي تنعكس أثاره على المرأة مما يمنعها من ممارسة دورها في بناء المجتمع والمشاركة في عملية التنمية التي لا تتم إلا بتكامل الأدوار بين كل من المرأة والرجل، وما زال هذا الموروث يترك أثراً يحتاج إلى عمل جاد  ودؤب لتصحيح المفاهيم المغلوطة لهذه المعتقدات والمورثات ومن ثم الحفاظ على ما هو أصلي منها وتنقيتها مما هو نتيجة تراكمات لا أساس لها من الصحة هذه الممارسات تعود في الأساس إلى عوامل اجتماعية وسياسية متمثلة في التنشئة والعادات والتقاليد التي يتوارثها الأفراد جيلا بعد جيل.

أيضا يكتسب دور الحكومات أهمية خاصة في إقرار السياسات المتعلقة بخصوص المرأة، والمشاركة بين الرجال والنساء، وإزالة العقبات القانونية التي تميز ضد المرأة، والحكومات إذا أرادت فهي التي تدفع بالمرأة إلى مراكز القيادات، إلا إن الحكومات ما زال دورها ضعيفا في إيصال المرأة إلى السلطة التشريعية، وللأحزاب السياسية أيضا دورا هاما ، حيث تعتبر نسبة مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية متدنية جدًا، فالنساء عازفات عن الانتساب إلى الأحزاب السياسية، كما إن الأحزاب لا تتوجه للنساء. على الرغم من اتفاق الباحثين على أن هناك معوقات للمشاركة الفعالة للمرأة في أنشطة المجتمع المختلفة، وأن تلك المعوقات دائما ترتبط بعوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية، إلا أن هناك معوقات شخصية لدى المرأة وتصوراتها حول قدراتها وأدوارها، وهو ما يحول دون أن تستفيد من الفرص المتاحة أمامها للمشاركة الرسمية واكتساب الأدوار والمكانات القيادية ليست فقط التطوعية، وإنما الرسمية لأنه على الرغم من ما إتاحته القوانين والتشريعات من فرص المشاركة إلا أن المرأة لم تستفد منها على قدر توفرها، وهو يؤكد على فكرة التمكين والمساعدة الذاتية للحصول على تلك الفرص.

والمعوقات الشخصية هي تلك المرتبطة بالمرأة نفسها وتتضمن ضعف قدرة المرأة على تنظيم الوقت، والخوف من الفشل وكذلك خوف النساء من تحمل المسئوليات الاجتماعية و عدولهن عن القيام بمهام تتطلب الخروج من البيت والبقاء خارجه مدة طويلة وعدم الرغبة في الانضمام إلى المؤسسات الاجتماعية.

فضلاً عما سبق  ، يمكن إرجاع ذلك أيضا إلى ما يأتي:

– قلة الموارد المالية، فالدعم الذي تلقاه هذه المنظمات قليل جداً، وهذا يستلزم بناء استراتيجية مستمرة لتوفير الدعم والتمويل الذاتي والوطني لهذه المنظمات.

– غياب استراتيجية تمكين شاملة، وضعف الوعي بأهمية التمكين ومفهومه الحقيقي لدى هذه المنظمات وأجهزتها التنفيذية والقدرة على التوجه إلى جميع الشرائح النسائية والقواعد الشعبية خصوصاً المرأة الريفية.

– ضعف عملية بناء قدرات المنظمات النسائية وتحويلها إلى مؤسسات فاعلة ذات قيادات مؤهلة ومدربة.

– الافتقار إلى التفاعل والتواصل وتبادر الخبرات مع الأطراف المختلفة ذات الخبرات والإمكانيات.

وجود القوانين المقيدة لنشاط الجمعيات، فالتشريعات العربية تقيد بدرجات متفاوتة حرية تكوين الجمعيات وتخضعها عندما تنشأ لأشكال مختلفة من الإشراف والرقابة.

ان أي قضية خاصة بالمرأة يجب النظر اليها بوصفها مشكلة اجتماعية، ناتجة عن خصائص اجتماعية خاصة بكل مجتمع. فتصحيح الصورة السائدة والنمطية عن المرأة في مجتمعاتنا اليوم،يتم عن طريق تقديم المناهج الدراسية والبرامج التلفزيونية وجميع وسائل الإعلام التي ترفع من قيمة المرأة ودورها والعمل على تدعيم  المرأة وترشيحها في الحياة السياسية وللمناصب القيادية والسياسية واخير تصميم البرامج التدريبية لزيادة ثقة المرأة وقدراتها الإدارية لكي تتمكن من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة .