الاتجار بالبشر 

شارك الخبر

عباس علي الكعبي- في عام 2012 شُرع قانون رقم (28) لسنة 2012 لمكافحة الأتجار بالبشر وعرف هذا القانون وبين معنى المتاجرة بالبشر من خلال المادة الاولى /اولاً حيث يقصد بالأتجار بالبشر لأغراض هذا القانون تجنيد اشخاص أو نقلهم أو إيوائهم او استقبالهم, بوساطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص أخر بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة او العمل القسري ع الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية.

رغم دقة التعريف وبيان معنى الاتجار بالبشر من خلاله إلى أنه يراه بعض المختصين بالقانون والتشريع انه تعريف منقوص ولم يغطي حجم هذه الجريمة  علماً أن التعريف ماخوذ من بروتوكول باليرمو الدولي لسنة 2001 وهذا المعنى الوافي الذي اعتبرته أغلب دول العالم واخذت به.

وبالنسبة لهذه الجريمة تعتبر جريمة عابرة للحدود وممكن حصولها بأكثر من مكان بزمن واحد وتعد ثالث أخطر الجرائم الدولية بعد تجارة المخدرات وتجارة السلاح حيث يتم المتاجرة بالبشر مختلف التجارات كما مبين بالتعريف وأبرز مثال على ذلك هو “الاستغلال الجنسي” في أعمال الدعارة، والعمل القسري بعد استقطاب الايادي العاملة وايهامهم وبعد ذلك يتم استخدام التهديد وغيرها طرق كثيرة يتم بها المتاجرة بالبشر.

وانتشرت هذه الجرائم في الاونة الأخيرة في العراق بشكل ملحوظ بسبب الفقر والحاجة إلى المال من جهة ومن جهة أخرى استقطاب الأيادي العاملة إلى بلد متوفر به العمل للعمالة الأجنبية بشكل كبير حيث أكثر حالات المتاجرة المسجلة والتي تم رصدها من قبل وزارة الداخلية العراقية ومنظمات المجتمع المدني ،هو تشغيل الفتيات في الأعمال الجنسية باستغلال حالات الفقر والاحتياج إلى المال بإي طريقة كانت،

وحالات المتاجرة بالعاملات والعمال الأجانب من خلال استغلال ضعفهم وجهلهم في القانون وتهديدهم بسهولة لينصاعوا لأوامر رب العمل أو صاحب مكتب العمالة الذي هو مسؤول عن عملهم داخل البلد ويعتبر كفيلهم.

وكافحة الحكومة العراقية هذه الجريمة وبذلت مجوهداً كبيراً بالتحديد في الفترة مابعد 2020 هذا ليس معناه انها لم تكافحه قبل ذلك لكن بعد هذا التاريخ عملت بمجهود كبير متمثلة بوزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية.

حيث يوجد قسم مكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الداخلية وله مكاتب منتشرة في جميع المحافظات العراقية بالإضافة إلى بغداد حيث يوجد فيها مكتب في جانب الرصافة وأخر في جانب الكرخ وأصبح القضاء يفرد الدعوى الخاصة في الاتجار بالبشر بشكل أكبر من السابق ويكيفها حسب قانون رقم (28) لسنة 2012 لمكافحة الاتجار بالبشر.

وساهمت منظمات المجتمع المدني بإقامة الورشات التدريبية في هذا الخصوص ونشر التوعية بتنبيه الناس بخطورة هذه الجريمة.

اما بخصوص الرادع الذي اتخذه الجانب التشريعي الذي يتمثل بتحديد عقوبة الجاني(المتاجر) حيث اختلفت العقوبة باختلاف نوع وشدة الجريمة وتمثلت بالسجن والغرامة المالية كما موضح في المواد (5-6-7-8-9) من هذا القانون تبدأ بالسجن المؤقت صعوداً إلى الاعدام وبغرامة تبدأ بخمسة ملايين دينار صعوداً إلى خمسة وعشرون مليون دينار.

وهناك ملاحظة مهمة في هذا القانون حيث تذكر المادة (10) لا يعتد بموافقة ضحايا جريمة الاتجار بالبشر في كل الأحوال أي ما معناه حتى وأن كان الضحية إلى الشخص الذي تم المتاجرة به بالاشكال المذكورة حتى وان كان موافق وعلى دراية بهذا الفعل لايعتد بموافقته لانه تحت تأثير التهديد أو مستغل من قبل الجاني.

أن هذا القانون يتكون من 14 مادة فقط حيث لم يغطي حجم الجريمة لذلك المادة (12) منه نصت على   تسري أحكام قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969م في كل مالم يرد فيه نص خاص في هذا القانون.

وهناك محاورات ومحاولات لتعديل هذا القانون ومن أهم النقاط التي ممكن ان تضاف هو: وجود الطفل واستغلال الاطفال حيث لا يوجد نص يذكر الطفل على وجه التحديد، والنقطة الأخرى هو تحديد أكثر دقة للجاني والمجنى عليه في هذه الجريمة.

واهم النقاط هو التأكيد على توفير دور الأيواء للضحايا حيث لايوجد انتشار لدور الايواء بشكل كافي في العراق ولعلها لا تتعدى أصابع اليد الواحدة حيث يوجد دار إيواء واحد حكومي في بغداد تابع إلى وزارة العمل والشؤن الاجتماعية ودار في محافظة كربلاء تابع إلى العتبة العباسية وهو دار اهلي غير حكومي ودار في محافظة ذي قار ايضاً غير حكومي، وهذا العدد القليل والشبه معدوم لايفي بالغرض ويجب نشر دور في جميع المحافظات.

وفي الخاتمة نأمل العمل بمجهود أكبر بنشر الوعي ومكافحة هذه الجريمة من قبل السلطات المختصة والحد منها بشكل كبير بأذن الله.

عباس علي الكعبي – محامي مختص بقضايا الاتجار بالبشر