‏دولة الرعاية الإجتماعية تهدد الأقتصاد العراقي بالإنهيار – التحديات والحلول

شارك الخبر

د. لؤي الخطيب – إتخذت الحكومة العراقية في الآونة الأخيرة قرارات صعبة وجريئة في خفض هامش الدعم الحكومي على الوقود كمحاولة لتقليل الاستنزاف المالي لخزينة الدولة وتقليل الخسائر. جاءت هذه التدابير بالتزامن مع تحذيرات وزير التخطيط وتصريحات رئيس اللجنة المالية النيابية حول ارتفاع عجز موازنة عام ٢٠٢٤ الى ٨٠ ترليون دينار بعد أن كان ٦٣ ترليوناً في الموازنة السابقة.

تجدر الإشارة إلى أن مجمل أبواب الدعم الحكومي في مجالات الوقود وقطاع الكهرباء والبطاقة التموينية تتجاوز ٣٣ مليار دولار سنوياً، أي بما يعادل ٥٠ مليار دينار بالسعر الموازي لسوق العملة، وهذا المبلغ يُشَكّل ٦٠٪ من عجز الموازنة لهذا العام.

إن استمرار سياسة الدعم الحكومي بدون إصلاحات اقتصادية جذرية وسريعة سيقود إلى تفاقم سوء الإدارة واستشراء الفساد بمستويات غير مشهودة وصولاً إلى حتمية انهيار الاقتصاد العراقي والعملة المحلية معاً قبل حلول عام ٢٠٣٠. ولمنع حدوث هذه المُحَصّلة، لا بُد من اتخاذ الإجراءات الآتية:

١- وضع خطة زمنية لإلغاء كامل الدعم الحكومي قبل حلول عام ٢٠٣٠ على جميع السلع والخدمات وبالخصوص سلعتي الطاقة والوقود لتحويل القطاعات ذات العلاقة إلى مستدامة ورابحة تجارياً وبالتالي غلق أبواب سوء الإدارة والفساد وعمليات التهريب،

٢- غلق ملف الحصة التموينية وما تسبّبه من مفاسد وضياع حقوق ذوي الحاجة، وحصر أموالها في موازنة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتُضاف التخصيصات إلى رواتب المستحقين والمسجلين حصراً في شبكات الرعاية،

٣- يُضاف لراتب الرعاية الاجتماعية مبلغ تحدده وزارة المالية لتغطية الحد الأدنى لحاجة الأسر المستحقة ومن ذوي الدخل المحدود فيما يتعلق بكلفة النقل والوقود وفواتير الكهرباء، ويكون تمويلها من الضرائب،

٤- إعتماد سياسة فعّالة وذكية تهدف إلى تحديد النسل وتقليل نسبة النمو الحالية من ٢.٧٪ إلى ١٪ كحد أعلى للسيطرة على عدالة توزيع الموارد والواردات وإدارة الدولة بكفاءة عالية،

٥- تطوير شركات النقل العام وطرحها للاستثمارات مع فرض ضرائب سنوية على امتلاك العجلات الخاصة وحسب حجم المحرك لتقليل ضغط المواصلات على شبكة الطرق وإنهاء أزمة الاختناقات المرورية،

٦- مراجعة النظام الضريبي وخلق حالة من التوازن بين الحوافز الجاذبة للاستثمارات وحجم الضرائب والرسوم التي تضمن دخل مستمر يرفد خزينة الدولة وديمومة الخدمات،

٧- إنهاء سياسة التعيين المركزي لخريجي الجامعات والمعاهد، ليكون التعيين حسب حاجة المؤسسات الحكومية على أسس الكفاءة والخبرة وفرص التدريب، ومن خلال مجلس الخدمة العامة الاتحادي حصراً،

٨- إلغاء الدعم المالي للشركات الحكومية وإغلاق الخاسرة منها لوقف الاستنزاف المالي وضمان التنافس العادل مع القطاع الخاص. كذلك دعم الشركات الاستثمارية بتسهيلات مصرفية وضريبية تشجع على جذب العملة الصعبة وخلق فرص العمل، على أن تُخصص أموال الشركات الاستثمارية والأجنبية في مجال مسؤولياتها الاجتماعية Corporate Social Responsibility وبالتعاون مع الحكومة لدعم المراكز المهنية وبرامج التدريب للشباب وتهيئتهم لسوق العمل وريادة الأعمال،

٩- إعتماد الحكومة خطة إعلامية وحملة توعوية ومعرفية توضح للمواطنين أهمية هذه الإجراءات لهم ولأجيالهم ولدوام استقرار الدولة وتطور الاقتصاد،

١٠- إتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة ضد المؤسسات الإعلامية وغير الحكومية والشخصيات العامة والمؤثرة في وسائل التواصل الاجتماعي التي تروّج لمعلومات مغلوطة تهدد السلم الأهلي،

ستكون مهمة إلغاء الدعم الحكومي وإصلاح الاقتصاد أهم مؤشر في أداء أي حكومة تعتمد في سلوكها السياسة التكاملية في تطوير الدولة، إدارياً وتشريعياً، وتمهيداً لحكومات لاحقة تسير بقاطرة الإصلاح والنجاح نحو الازدهار.