د. أسراء الكاظمي – الذكاء الانفعالي من المصطلحات الحديثة الذي يساعد الفرد على فهم وتحليل انفعالاته وانفعالات الآخرين ليتمكن من تحقيق قدر كبير من التكيف مع نفسه والآخرين وتمكنه من إدارة الضغوط والمشكلات التي تحيط به . و لقد أهتم الباحثون بدراسة الذكاء الانفعالي من حيث تعريفه وقياسه وعلاقته بالمفاهيم الأخرى، وأساليب تنميته. نظرا لما للذكاء الانفعالي أهمية ودور كبير في التخفيف من السلوكيات العنيفة بصفة عامة والعنف المدرسي بصفة خاصة وهذا ما أكدته العديد من الدراسات . ومساهماته الواضحة في نجاح الافراد وقدرتهم على التكيف في المواقف الحياتية التي يتفاعلون فيهـا مـع ألافـراد .فقد أشارت الدراسات إلى أن الذكاء العام وحده ليس كافيا للنجاح في مجالات الحياة كافة خاصة مع تزايد جـــرائم العنـــف والقتـــل والاغتصـــاب، وارتفـــاع معـــدلات الاكتئاب والتسرب من المـدارس؛ الذي من شأنه يعود لتـدني مهـارات الـذكاء الانفعـالي لهـؤلاء الأفـراد ؛ ولا سيما،إن ظاهرة العنف من الظواهر التي اهتمت بها مختلف الجهات الحكومية منذ مطلع القرن العشرين، خاصة بعدما تطورت نظريات علم النفس المختلقة التي فسرت سلوكيات الفرد وأهميتها في تكوين ذاته وتأثيرها على حياته فيما بعد،وبالتالي فإن العنف المدرسي بمختلف مظاهره وأسبابه يستدعي الدراسة العلمية لإيجاد الحلول، فانتشاره قد يؤدي إلى تدمير البنى الاجتماعية والتأثير على النسق العام والقيم داخل ا لمدرسة وانعكاساتها على مكونات العملية التعليمية.
حيث تشير الى أن هناك بعض الأوضاع المقلقة في مؤسساتنا التعليمية مما تزيد من اهتمامنا بالذكاء العاطفي، وهي في عدم الاحترام بين التلاميذ بعضهم لبعض و العداء المستثار وعدم التآلف بينهم ، فضلا عن شعورهم بالوحدة ،لمواجهة هذا الوضع حسب الدراسات يجب تنمية الذكاء العاطفي ومهاراته في ضبط النفس، الحماس، المثابرة، القدرة على التحفيز والتشجيع .هذه المهارات اذا تمت تنمبيتها سوف يواجهون نزعات الغضب والعدوان في المستقبل وسوف يتعلمون التعاطف والسيطرة على اندفاعاتهم.
العنف المدرسي خطر يصيب العملية التعليمية في الصميم، ويعرض مستقبل التلاميذ للضياع، وإلى مختلف الانحرافات السلوكية ، وبالتالي يتعرض المجتمع ككل إلى أخطار مدمرة.
نجاح الفرد في حياته الاكاديمية،والمهنئة والاجتماعية تتم من خلال توظيف العاطفة والوجدان والمشاعر في المواقف المختلقة بشكل إيجابي و ضبطها و التحكم بها في مواقف الصراع والتوتر و الغضب كما أن تعلم مهارات الذكاء العاطفي يجعل الفرد منا أكثر قدرة على تفهم نفسه اولا، وعلى التعاطف والتعامل مع بيئته ثانيا.
يتضح من النتائج احيانا بأن الشباب ليس لديهم السيطرة التامة على انفعالاتهم بشكل دائم ولكن يقومون أحيانا بكل ما يحتاجونه بإرادتهم في بعض الأحيان, ومساعدة مشاعرهم في اتخاذ قرارات هامة في حياتهم، مع ديمومة الأمل والتفاؤل لديهم أمام الإخفاقات التي قد تحدث لهم.إن الاهتمام بالشباب الجامعى وتنمية قدراتهم والمهارات والقيم لديهم , يشير بالدرجة الأولى إلى أن قيم الجيل الصاعد هى التى سيبنى عليها مستقبل المجتمع فكريا وعلميا، ولاسيما التعرف على علاقة هذه القيم بالذكاء العاطفي لديهم، حيث الذكاء العاطفي يحتل درجة مهمة جدا في سلم تحقيق الذات من قبل الفرد ولكن تحقيق الفرد لذاته يعني مستحيلا، إن لم يشبع حاجاته الأساسية وتجاوزها الأمر الذي يرفع من إمكاناته وطاقاته الفردية والأهم يمكن في الواقع الذي يتم فيه تعلمه للذكاء العاطفي ومن الممكن دائما وبأي عمر يبدأ الفرد في تعلم كيفية إدارة انفعالاته وانفعالات الآخرين وتنظيمها.وقد بينت الدراسات وجود علاقة ايجابية بين الذكاء العاطفي ومفهوم الذات من خلال النتائج التي توصل أليها الباحثين .كما تبين وجود علاقة إيجابية بين الذكاء الانفعالي والثقة بالنفس.
كما يعد الذكاء الانفعالي أيضا من المتغيرات الأساسية المهمة التي يهتم المربون وعلماء النفس بدراستها والبحث فيها، لما له من انعکاسات علی کثیر من المجالات التربوية والاجتماعية التي تتصل ببرامج التعليم والمناهج والعلاقات الاجتماعية والسياسية بين الأفراد والشعوب. وحسب ما أشار Goleman في أن الناجحين هم الذين يمتلكون مستوى ذكاء عاطفي يظهر سلوكاً اجتماعياً مقبولاً حيث يتميزون بكونهم يعرفون مشاعرهم الخاصة ويقومون بإدارتها جيدا، ويتفهمون ويتعاملون مع الأخرين بصورة ممتازة فنرى هؤلاء الأشخاص متميزين في كل مجالات حياتهم الاجتماعية والعلمية وهم أكثر إحساساً بالرضا عن أنفسهم.
وكما، يمكن الإفادة من تطبيقات الذكاء العاطفي في مجالات الحيـاة الإنسانية كافـة، ابتداءً من العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة الواحدة، وفي المجالات التربوية، والاقتصادية، والقيادية وفي التكيف مع المواقف الحياتية التي يتفاعل فيهـا مع الآخرين.لانه يتعلق بمعرفة الإنسان لذاته وإدراكه لواقعه وواقع الآخرين.حيث يمثل الذكاء العاطفي85%من أسباب الأداء المرتفع للأفراد القياديين وله تأثير على الأداء المؤسسي حيث يمكن مظاعفة الانتاجية من خلال الأخذ في الاعتباران الذكاء العاطفي ينمو ويتطور بالتعلم والمران على المهارات والقدرات التي يتشكل منها من خلال مكوناته الأساسية من بينها الوعي بالذات والوعي الاجتماعي والإدارة الذاتية والقدرة على إصدار الحكم،والتفكيرالمتٱني والقدرة على التحكم في السلوك الفردي . واخيراللحصول على معدل عالي من الذكاء العاطفي، لابد ان ندرب انفسناعلى مواجهة الأزمات بهدوء عند التعامل مع مشاعرنا ومع الاخرين والتصدي لمختلف التاثيرات السلبية .