ليو تشاو – صحفية صينية متخصصة في الشؤون الاقتصادية والتجارية
في العالم المتغير والمتقلب دائما ما هو يا ترى مفتاح لمواكبة التيار التاريخي المتمثل في التنمية الاقتصادية؟ المفتاح هو التآذر والتضامن. وفي ظل مضاعفة الجهود لتعزيز التضافر بين الدول، يعقد منتدى دافوس الصيفي 2024 المعروف أيضا باسم الاجتماع السنوي الـ15 للأبطال الجدد في الفترة ما بين يومي 25 و27 يونيو في مدينة داليان الساحلية في شمال الصين. يهدف منتدى هذا العام إلى توسيع تأثيرات المنتدى استنادا على مخرجات منتدى السنة الماضية، حيث قام قادة العالم بتلخيص التحديات العالمية المعقدة التي ظهرت على مدى السنوات القليلة الماضية، كما قام بمناقشة حول حلول لبناء مستقبل أكثر شمولا واستدامة ومرونة.
أما منتدى هذه السنة، يركز على موضوع “المجالات الرائدة المستقبلية للنمو”، حيث جذب المنتدى حوالي 1700 قائد من أوساط الأعمال والحكومات والجمعيات المدنية والمنظمات الدولية، فضلا عن رجال أعمال ومبتكرين وأكاديميين بارزين.
وتولي مناقشاتهم الاهتمام البالغ لستة مواضيع رئيسية خلال المنتدى، وهي:
أولا، اقتصاد عالمي جديد. من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.1 في المائة في العام الجاري، مما يشير إلى أن الاقتصاد العالمي يتجه نحو وضع طبيعي جديد ولن يعود إلى أنماط النمو السابقة. تركز الحكومات في الوقت الحالي على تطوير التكنولوجيا والصناعات الخضراء لارتفاع قدراتها التنافسية، لكن المنافسة الجيواقتصادية تعرقل التجارة. ويكشف الاجتماع السنوي لهذا العام كيفية إدارة التضخم ودفع النمو المستدام والشامل من خلال السياسة النقدية المنسقة.
ثانيا، الصين والعالم. رغم وجود التحديات الهيكلية، من المتوقع أن تساهم الصين بأكثر من ربع النمو الاقتصادي العالمي في هذا العام. تعد صناعة الطاقة النظيفة والاستثمار في البحث والتطوير محركين مهمين للتنمية. ويستكشف منتدى دافوس الصيفي لهذا العام كيفية إطلاق العنان لإمكانات الصين في تعزيز النمو العالمي مع تعزيز التعاون العالمي في وضع جيوسياسي متوتر.
ثالثا، ريادة الأعمال في عصر الذكاء الاصطناعي. قد جلب الذكاء الاصطناعي التوليدي طفرة استثمارية، حيث من المرجح أن يصل الاستثمار التجاري في الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2025. ومع التطور المذهل للعديد من المجالات المبتكرة مثل التكنولوجيا الحيوية والحوسبة الكمومية، تقود الشركات الناشئة هذه الموجة من النمو. ويركز مؤتمر هذا العام على كيفية وضع توقعات للتطورات التكنولوجية المستقبلية وكيفية الاستفادة منها بشكل فعال.
رابعا، المجالات الرائدة الجديدة للصناعات. أصبحت التكنولوجيا محركا مهما للتغييرات في حقبة ما بعد الجائحة، ومع ذلك فإن معظم الناس ليسوا مستعدين تماما لوقوع التغيرات التكنولوجية بسرعة. علاوة على ذلك، تعد عملية الانتقال إلى صافي الصفر أمرا بالغ الأهمية، وهناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل جميع القطاعات. فأجرى المنتدى مناقشات معمقة حول استراتيجيات تحول الصناعة من أجل إيجاد منبع جديد للتنمية العالمية.
خامسا، الاستثمار في الناس. مدفوعا بالتحولات الجيواقتصادية والتكنولوجية والخضراء، سيتعطل ما يقرب من ربع الوظائف و44 في المائة من المهارات الوظيفية في السنوات الخمس المقبلة. ومواجهة هذا التغيير تحتاج إلى جهود متضافرة لكي مساعدة العمال على إعادة صقل مهاراتهم. ويستكشف منتدى هذا العام حلولا مبتكرة لإدارة احتياجات المهارات المتغيرة وبناء مرونة العمال.
سادسا، ربط المناخ والطبيعة والطاقة. يشكل تغير المناخ مخاطر كبيرة، وبالتالي ظهرت الحاجة إلى تمويل سريع وفعال في قطاع الطاقة النظيفة، وخاصة في الأسواق الناشئة، حيث توجد فجوة استثمارية تبلغ 2.2 تريليون دولار. وطرحت هذه النسخة من المنتدى نهجا لبناء عالم محايد للكربون وإيجابي للطبيعة.
والجدير بالذكر أن مشاركة الدول العربية في منتدى دافوس الصيفي 2024 لافتة للأنظار، وكصحفية مشاركة في المنتدى، شعرت ببالغ السرور لوجود أصدقائنا العرب هنا. حيث حضر المنتدى فيصل الإبراهيم وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي وأحمد الهناندة وزير الاقتصاد الرقمي والريادة في الأردن ومحمد العسعس وزير المالية الأردني. ومع نجاح انعقاد الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني-العربي، تولي الصين أهمية خاصة لدفع تكثيف التبادلات بينها وبين الدول العربية في كافة المجالات، وخصوخا التواصل الاقتصادي والتجاري بين الجانبين. ففي هذا العام، وضع المنتدى بشكل خاص المنتدى الفرعي تحت موضوع “الصين ومنطقة الشرق الأوسط: الفصول الجديدة” لمناقشة مجالات التعاون المستقبلية والفرص التنموية والإجراءات الواجب اتباعها لكلا الجانبين. كما شاركت في منتدى دافوس الصيفي هذا العام الشركات العملاقة والصناديق السيادية من الدول العربية، وكذلك الشركات الناشئة من الدول العربية، وفي موقع المنتدى، قمت بالمحادثات مع ممثلي الشركات الإماراتية والأردنية والفلسطينية، وكلهم عبروا عن رغبتهم في إنشاء أو تعزيز علاقاتها التعاونية مع الجانب الصيني. وتدل المشاركة العربية النشيطة في المنتدى على عزمها للانفتاح والتحول نحو التنمية الخضراء والمستدامة من ناحية، ومن الناحية الأخرى تدل على ثقتها في تنمية الصين واهتمامها لتكثيف التبادلات مع الشركات الصينية. ومع كثرة التواصل وتعميق التعاون بين الصين والدول العربية، فلا شك فيه أن الجانبين سيفتحان سويا الفصول الجديدة للتنمية المشتركة مثل اسم هذا المنتدى الفرعي.