المناصب للأقارب والأحزاب: انهيار الدولة من الداخل

شارك الخبر

محمد عبيد حمادي – في الوقت الذي يُفترض فيه أن تُبنى الدول على أسس الكفاءة والعدالة، نجد أن الواسطة والمحسوبية تتفشى في العديد من المجتمعات، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بتعيين الأقارب في المناصب الحكومية العليا. هذه الممارسات لا تقتصر على تقويض الثقة في مؤسسات الدولة فحسب، بل تساهم أيضاً في تعزيز الفساد وإضعاف المنظومة الحكومية بشكل كامل.
تفشي ظاهرة الواسطة في مؤسسات الدولة
تحولت الواسطة في بعض الدول إلى قاعدة غير معلنة في عملية التوظيف الحكومي، حيث يتم تعيين الأفراد بناءً على روابطهم العائلية أو الحزبية بدلاً من اعتماد معايير الجدارة والكفاءة. هذا النهج يفتح الباب أمام المحسوبية ويغلقه أمام الكفاءات الحقيقية، ما يؤدي إلى تدهور جودة العمل الحكومي وإعاقة تحقيق التنمية المنشودة.
دولة الأقارب والمصالح الحزبية
عندما تُدار الدولة وفقاً لمصالح الأقارب والأحزاب المتنفذة، تصبح المؤسسات الحكومية أدوات في يد القلة لتحقيق مصالحها الخاصة، مما يضعف من فعالية الحكومة في تلبية احتياجات المجتمع. هذا النهج لا يؤدي فقط إلى خلق فجوة كبيرة بين الحكومة والمواطنين، بل يعمق الشعور بالظلم والإقصاء بين أفراد الشعب.
تداعيات كارثية على المنظومة الحكومية
استمرار الاعتماد على الواسطة والمحسوبية في التعيينات الحكومية يهدد بانهيار المنظومة بأكملها. إن إقصاء الكفاءات واستبدالها بأفراد لا يمتلكون المؤهلات المناسبة يعني أن الدولة ستصبح عاجزة عن إدارة شؤونها بفعالية، مما يؤدي إلى ضعف مؤسساتها وفشلها في تحقيق الأهداف الوطنية.
ضرورة الإصلاح الفوري
لمواجهة هذا الانحدار، يتطلب الأمر إرادة سياسية قوية وإصلاحات جذرية. ينبغي أن تستند التعيينات الحكومية إلى معايير واضحة وشفافة، تركز على الكفاءة والخبرة، بدلاً من العلاقات الشخصية. كما يتعين على الدولة تطبيق قوانين صارمة لمكافحة الفساد والمحسوبية، لضمان أن تكون المناصب الحكومية متاحة للجميع على أسس عادلة.
إن ظاهرة الواسطة والمحسوبية في تعيين الأقارب والمقربين في المناصب الحكومية ليست مجرد مشكلة إدارية، بل هي خطر يهدد كيان الدولة بأكمله. إذا لم يتم التصدي لها بجدية، فإن الدولة ستواجه مستقبلاً غامضاً، حيث تصبح المؤسسات الحكومية عاجزة عن أداء دورها في تحقيق التنمية وخدمة المواطنين. فقط من خلال بناء نظام عادل وشفاف يمكن للدولة أن تستعيد ثقة شعبها وتحقق استقرارها وتقدمها.