عبدالله جعفر كوفلي – على الرغم من عدم تحديد موعد بدء الحملة الانتخابية من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المقرر إجراؤها في ٢٠/١٠/٢٠٢٤ ولا يفصلنا عنها إلا أيام معدودات، وأنّ المرشحين بدؤوا بجولاتهم وزياراتهم وتنفيذ برامجهم ولو بشكل غير رسمي، من جانب آخر تجري الاستعدادات على قدم وساق من قبل الجهات المعنية من اصدارِ التعليمات وتحديد آليات الدعاية الانتخابية وحدودها والإجراءات القانونية اللازمة لمعاقبة المخالفين.
لست فتّاحاً للفال ولا قارئاً للفنجان ولا كائن من كوكب آخر، ولكن ماذا لو لم تجرِ الانتخابات ؟ مجرد سؤال وتفكير من خارج الصندوق وتقدير لأسوء الأمور وتوقع ما لا تحمد عقباه، وهذا ليس تشاؤماً أو خوفاً من الانتخابات، وإنما هي دليل كثرة تعلقنا بهذا الأمر والأمل بمروره بنجاح كالمرات السابقة.
السؤال الذي شغّل فكرنا وجعلنا في حيرة كبيرة ماذا لو لم تجرِ هذه الانتخابات؟
ماذا سيحدث ومَنْ يتحمل مسؤولية هذا الأمر ؟ من هو الخاسر الحقيقي من هذا الخطأ الكبير والخطير؟
أولاً: نتيجة لمتابعتنا اليومية فإن التصريحات النارية بين أشخاص ينتمون لجهات معينة واتهاماتهم المتبادلة التي باتت تكسر العظام وتقشعر منها الأبدان ووصلت حدّ الكلمات النابية والاتهام بالخيانة والتزوير لا تبشر بالخير، فمن يضمن السيطرة عليها خاصةً خلال أيام الحملة الانتخابية التي تزيد من الحماس واندفاع الجماهير.
ثانياً: علينا ان لا ننسى دائماً هناك بعض الناس يستفيدون من الأوضاع غير المستقرة ويصطادون في الماء العكر، بل يحاولون خلق المشاكل وإبقاء الوضع على ما هو عليه لإعتقادهم بأن اي تغيير سيتضررون منه ويستغلون حماس واندفاع الآخرين وتوجيههم الى ما يرغبون به، وإن كانوا قلة ولكنهم عناصر خطرة.
ثالثاً: الانتخابات لا تخلو من التأثيرات الخارجية وهم يفعلون ما يستطيعون لحماية مصالحهم، فمن يضمن أن مصلحتهم تكمن في إجراء الانتخابات البرلمانية في كُردستان، وإن كان عكس ذلك فإنهم وعن طريق الموالين لهم يحاولون عدم إجراءها.
رابعاً: الخوف مما حققته التشكلية التاسعة لحكومة الإقليم برئاسة ( مسرور بارزاني) من إنجازات سياسية واقتصادية في مجال الزراعة والصناعة والاستثمار والسياحة والعمران والتعليم والصحة بمشاريع استراتيجية تمثل البنية التحتية للإقليم للسنوات القادمة، فإن عدم إجراء الانتخابات برأي المتآمرين تعني فقدانها للشرعية القانونية والدستورية، من جانب آخر فإن ما حققتها هذه الحكومة رفع من حب وتأييد الشعب الكُردستاني للحزب الديمقراطي الكُردستاني وزاد من رصيده وسيحصد اكبر عدد من المقاعد في البرلمان ويبقى الأول دون منافس كما كان في المرات السابقة.
ماذا سيحدث إن لم تجرِ الانتخابات؟
برأينا المتواضع الأمر خطير للغاية ولا يجب ان تسمح الجهات الرسمية بهذا الأمر مهما كلف ذلك وعلينا ان نتوقع أبعد ما يحلم به الاعداء.
في حال عدم إجراءها لأي سبب كان ( لا مجال لبيان الاسباب) فإن التجربة الديمقراطية للإقليم ستتعرض لتساؤلات كثيرة بمئات علامات الاستفهام، وسيحقق المتآمرون أهدافهم.
لكنّنا نتوقع أن تسير الأمور بالاتجاه السيء وتخرج عن السيطرة ونتمنى أن يكون توقّعنا هذا خطأً ولكنّه احد الاحتمالات سواء كان عدم الإجراء بالتأجيل( ما رأيناه مراتٍ عديدة ) أو الإلغاء.
– ستلجأ بعض الأطراف السياسية في الإقليم الى المحكمة الاتحادية وستقدم الشكوى ضد من كانوا سبب التأجيل أو الإلغاء وحينها ستنظر المحكمة في الطلب المقدم وبرأينا ستقرر ضد المؤسسات الرسمية في الإقليم وتجمد نشاطها وتلغيها كما فعلت مع مفوضية الانتخابات في الإقليم ومجالس المحافظات فيه.
– ستتدخل الحكومة الاتحادية وتحاول أن تحل محل مؤسسات الإقليم بحجة عدم حدوث الفوضى السياسية وخروج الأوضاع عن السيطرة وهذا ما يرغب به البعض.
– ستحاول الحكومة الاتحادية إقناع المكاتب والممثليات والمنظمات الدولية والشركات بمغادرة الإقليم لاسباب أمنية وسياسية وتطلب من دولها بالانسحاب.
– ستتعرض التجربة الديمقراطية في الإقليم الى الاهتزاز وتفقد الثقة الدولية ودعمها.
– يخسر المرشحون ما أنفقوه من الاموال في الفترة الماضية، وما قدموه من مساعدات إلى المحتاجين خلال زياراتهم وما دفعوه لطبع صورهم ونصبها وتعليقها وغيرها من المصاريف المالية الأخرى خلال فترة الحملة الانتخابية.
هنا ارى من الضرورة بمكان مناشدة قيادة الحزب الديمقراطي الكُردستاني باعتباره الحزب الأكبر والأقوى والأكثر شعبية في الإقليم والمشارك الرئيسي في تشكيل حكومات إقليم كوردستان منذ الكابينة الاولى إلى يومنا هذا، الحذر من هذه المؤامرة الخبيثة وعدم الإنزلاق وراء أهواء الآخرين والمحافظة على التوازن، وهذا ما رأيناه منها وننتظر لأنه وبحق قيادة حكيمة تضع مصلحة الشعب الكُردستاني فوق كل المصالح والاعتبارات الحزبية والفردية الضيقة، هكذا كان وسيبقى كذلك بإذن الله تعالى ودعم المخلصين من الشعب لأن الانتصار الحقيقي هو منع المتآمرين من نيل مآربهم والوصول الى مبتغاهم باللعب بمصير الشعب والوطن.
اجراء الانتخابات هدف أساسي للحزب الديمقراطي الكُردستاني ويعمل من أجله لإيمانه بضرورتها وكونه إحدى مظاهر الديموقراطية وطريقة سلمية للتغيير.
ان الخاسر الحقيقي من عدم اجراء الانتخابات هو الشعب.
مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق والنجاح