سدن سالم – انطلقت، أمس الأربعاء، الحملة الدعائية لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقرر إجراؤها في 20 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، في ظل توقعات من مراقبين بضعف المشاركة فيها، من جرّاء السخط والتذمر الشعبي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، فضلاً عن الأزمات السياسية التي تعصف بين المدينتين الرئيسيتين في الإقليم، أربيل والسليمانية.
ومن المقرر أن تستمر الحملة الدعائية حتى الـ15 من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، أي قبل 48 ساعة من إجراء التصويت الخاص لقوى الأمن والشرطة والسجون التي ستجرى في الـ18 من الشهر نفسه. وخلال الأيام الماضية، استعدت الأحزاب المشاركة في الانتخابات لطبع صور ولافتات مرشحيها والاتفاق على أماكن توزيعها في الشوارع والميادين العامة على الأبنية.
أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق انطلاق الحملات الدعائية لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق، اليوم الأربعاء، على أن تنتهي في 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، أي قبل 5 أيام من موعد إجراء الانتخابات في العشرين من الشهر ذاته.
وكان الإقليم قد دخل في مرحلة “فراغ قانوني” عقب إعلان المحكمة الاتحادية العراقية في بغداد في نهاية مايو/أيار 2023، بطلان قانون “تمديد برلمان كردستان” المُقر من البرلمان نفسه في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ثم تبعه قرار آخر في سبتمبر/أيلول 2023، بعدم دستورية تمديد ولاية مجالس محافظات الإقليم، لمخالفته أحكام مواد دستورية اتحادية.
من جهته، أكد رئيس مجلس المفوضين القاضي عمر أحمد محمد -خلال مؤتمر صحفي- أن المفوضية قطعت شوطا كبيرا في تنفيذ جدول عمل الدورة السادسة من انتخابات برلمان كردستان، مشيرا لترشح 1190 شخصا ومشاركة 136 قائمة انتخابية، وتوفير 1431 مركز اقتراع تشمل مراكز للتصويت العام وأخرى للخاص.
واستباقا لإعلان المفوضية، شهدت مدن الإقليم وساحاته الرئيسية سباقًا محمومًا بين الأحزاب المرشحة لرفع صور الدعاية الانتخابية، التي تتضمن غالبا اسم المرشح وانتماءه الحزبي، إلى جانب الشعارات التي تسعى لدغدغة الشارع الانتخابي وكسب ميول المواطنين، في ظل ظروف استثنائية تجرى خلالها هذه الانتخابات.
من جهته، دعا رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، بمناسبة بدء الحملة الانتخابية، إلى إجراء حملة انتخابية “هادئة وحضارية”، وحث الأحزاب المتنافسة على “تقديم برامج انتخابية تكون محل ثقة المواطنين في إقليم كردستان”، مبينا أنه “ينبغي أن تكون الحملة الانتخابية خالية من التوترات بين الجهات السياسية، وألا تؤدي إلى تقسيم المجتمع، وتعكس ثقافة وتراث التنوع في المجتمع ومكوناته“.
ورغم التوقعات بضعف المشاركة الشعبية، إلا أن المنافسة الشديدة تبدو واضحة ضمن استعدادات جرت بصورة مبكرة وغير مسبوقة، لا سيما مع اشتداد الخلافات والخصومة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني للظفر بمنصب رئيس الإقليم أو رئيس الحكومة.
وكانت آخر انتخابات أجريت في إقليم كردستان عام 2018 قد تمخضت عن فوز الحزب الديمقراطي الكردستاني بأغلبية مريحة، بواقع 45 مقعداً من أصل 111 مقعداً كانت مجموع مقاعد برلمان الإقليم، بينما حصل غريمه التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني على 21 مقعداً. وتوزعت المقاعد المتبقية على حركة التغيير التي حصلت على 12 مقعداً، وثمانية مقاعد لحركة الجيل الجديد، وسبعة مقاعد للجماعة الإسلامية، بينما حصل الحزب الشيوعي الكردستاني وكتل أخرى على ما بين مقعد وخمسة مقاعد.
ويبلغ عدد مقاعد برلمان الإقليم 100 مقعد، ضمنها المقاعد الخاصة بالأقليات “كوتا” بواقع ثلاثة للمسيحيين واثنين للتركمان. وكانت المحكمة الاتحادية ألغت في نهاية مارس/ آذار الماضي، مقاعد “كوتا” الأقليات البالغة عشرة مقاعد، لكن المحكمة تراجعت عن قرارها. وبحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، فإن عدد الناخبين الكلي في الإقليم يبلغ 3.8 ملايين ناخب، موزعين على أربع دوائر انتخابية هي أربيل، السليمانية، دهوك، حلبجة، في 1431 مركزاً للاقتراع، فيما يبلغ عدد محطات الاقتراع 7067 محطة.
وقال عضو الاتحاد الوطني الكردستاني احمد الهركي, إن” الفترة المقبلة داخل إقليم كردستان ستشهد تغييرًا واضحًا نتيجة تغيير النظام الانتخابي”.
وأوضح الهركي في تصريح لـ”إنماز نيوز” أن، حكم الحزب الواحد في إقليم كردستان وهو عمليًا أصبح غير قابل للتطبيق معللاً ذلك: لأن النظام الانتخابي سابقًا في الإقليم كانت هناك خارطة انتخابية غير حقيقية تستغل مقاعد الكوتا وعددها لصالح الحزب الديمقراطي الكردستاني”.
وأضاف مسترسلاً: كان في نظام الدائرة الواحدة إمكانية كبيرة في التزوير والآن تم اعتماد نظام الدوائر المتعددة واعداد الكوتا تم توزيعها على عدد المحافظات الكردية لذلك الأغلبية العددية لم تعد موجودة لكي يحقق أي حزب مبدأ النصف زائد واحد وهذا ما يجعل الآمال بسيطرة الحكم الواحد على الحكم أمرًا صعبة مشيرًا إلى أن” الحكومة المقبلة ستكون ائتلافية”.
وأضاف الهركي: الاتحاد الوطني الكردستاني هو الطرف الوحيد القادر على تصحيح مسار الحكم في الإقليم كون الفترة السابقة شهدت الكثير من الأخطاء في التعامل بالملفات المرتبطة بين بغداد و اربيل وأيضا مع الملفات الدولية”.
وكان مسؤول الفرع الرابع للحزب الديمقراطي الكوردستاني في السليمانية آري هَرسين، أكد الأحد 2 حزيران 2024، مشاركة الحزب في الانتخابات النيابية المقبلة في إقليم كوردستان.
وقال آري هَرسين في تصريحٍ لوسائل إعلام، بما في ذلك كوردستان24، بشأن مشاركة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في انتخابات برلمان إقليم كوردستان، “نحن باستمرار كنا على استعداد للمشاركة في الانتخابات“.
وأضاف هرسين: “إلا أنه كانت لدينا (الديمقراطي الكوردستاني)، بعض الملاحظات بخصوص آلية إجرائها”، مشيراً إلى أنه “مع التغييرات الحاصلة الآن، نعم سنشارك في الانتخابات المقبلة“.
كما تبرز بعض الحركات والأحزاب التي يمكن أن يكون لها تأثير في انتخابات البرلمان وتشكيل الحكومة، مثل “جبهة الموقف” بزعامة حمة صالح، و”حركة الجيل” بزعامة رجل الأعمال شاسوار عبد الواحد والتي تأسست عام 2017 وامتلكت تأثيرا متناميا في الساحة الكردية بفعل الآلة الإعلامية الداعمة للمظاهرات في الشارع الكردي.
ويظهر في هذا السياق حزب “الاتحاد الإسلامي الكردستاني” برئاسة صلاح الدين بهاء الدين، الذي تخضع أدبياته الحركية لجماعة الإخوان المسلمين، ويشغل الحزب حاليا 4 مقاعد في بغداد، وكان يحظى بـ5 مقاعد في البرلمان الكردستاني السابق.
وهناك أيضا جماعة العدل الكردستانية المعروفة باسم “الجماعة الإسلامية” بزعامة علي بابير، وكانت تحظى بـ7 مقاعد في البرلمان الكردستاني السابق، ومعها في التوجهات ذاتها “الحركة الإسلامية” و”حركة الرابطة الإسلامية” المنشقة عنها، ويرى الخبراء أن هذه الأحزاب يمكن أن تحظى ببعض المقاعد في محافظتي دهوك و حلبجة، خصوصا أنها معروفة بتوجهاتها الدينية.
وعدا القوائم الحزبية، هناك عشرات المرشحين بشكل مستقل من المؤثرين على وسائل التواصل، وبعض الساسة المستقلين، والواجهات العشائرية والفنانين، وهو ما يفتح الباب أمام تشكل خارطة سياسية متنوعة بسبب كثرة القوائم والمرشحين المستقلين.
وبخصوص احزاب المعارضة في الاقليم أكد الهركي عدم قدرتها على أن تكون محل الأحزاب الرئيسية كالاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي. كاشفًا عن أن “الاتحاد الوطني يعول على ثقة المواطن الكردي في تحديد شرعية الحكم الكردستاني”.