خاص – شهدت سوريا تصعيدا عسكريا كبيرا منذ الأسبوع الماضي، حيث تجددت المواجهات العنيفة بين قوات المعارضة المسلحة والجيش السوري، خاصة في شمال البلاد. وشنت فصائل المعارضة في 27 نوفمبر الماضي، هجوما منسقا وواسع النطاق استهدف مواقع استراتيجية لقوات النظام في ريفي حلب الغربي وإدلب الجنوبي.
ويخشى العراق من تكرار سيناريو عام 2014 عندما احتل تنظيم “داعش” ثلث مساحة البلاد بسيطرته على مدن في نينوى والأنبار وصلاح الدين، حيث تعتقد الحكومة العراقية أن ما يحدث في سوريا يشكل خطرا عليها، لذا بدأت بتعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود السورية، بحسب مسؤولين عراقيين.
وخلال جلسة مجلس الوزراء العراقي الثلاثاء الماضي، تحدث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن الأوضاع في سوريا، وضرورة دعم الاستقرار فيها، ومنع “انزلاق” الأوضاع هناك إلى “مراحل خطيرة”.

قبل ذلك، أجرى السوداني، اتصالا هاتفيا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأكد أن بلاده لن تقف “متفرجة” أمام ما وصفها بـ”التداعيات الخطيرة” في سوريا، وفقا لبيان حكومي عراقي.
أعلنت المعارضة السورية الأحد إسقاط حكم الرئيس بشار الأسد
أعلنت المعارضة السورية، الأحد 8 من ديسمبر/كانون الأول، سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بعد دخول المعارضة العاصمة دمشق – فجر الأحد – عقب سلسلة انتصارات متتالية حققتها خلال 12 يوما.
وألقى متحدث باسم “غرفة عمليات فتح دمشق”، بيانا، على شاشة التلفزيون الرسمي.

مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا، حققت المعارضة المسلحة أهدافها بعد 13 عاما، في لحظة حاسمة من حرب حصدت أرواح مئات الآلاف، ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
أعلن الكرملين أن روسيا منحت اللجوء السياسي للرئيس السوري السابق بشار الأسد. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخذ شخصيا قرار منح اللجوء للأسد. ولم يعلق بيسكوف على المكان المحدد الذي يتواجد فيه الأسد. وقال إن بوتين لا يخطط للقاء الأسد.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين “ليس لدي ما أقوله لكم عن تنقلات الرئيس الأسد” وأضاف “العالم بأسره فوجئ بما حصل، ونحن لسنا استثناء”. وأفاد مصدر في الكرملين وكالات الأنباء الروسية الأحد أن الأسد موجود مع عائلته في موسكو بعد ساعات من مغادرته البلاد مع دخول الفصائل المسلحة إلى دمشق، علما أن ابن الأسد يدرس في العاصمة الروسية.
التأثير الاقتصادي
أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن غياب العلاقات التجارية والاستثمارية القوية بين العراق وسوريا يقلل من تأثير الأحداث السورية على الاقتصاد العراقي، مع الإشارة إلى وجود تأثيرات جزئية ناجمة عن الصراعات في الدول المجاورة.

وأوضح صالح، في تصريح للوكالة الرسمية، تابعته “إنماز نيوز”، أن العلاقات الاقتصادية الاستراتيجية بين العراق وسوريا تكاد تكون معدومة بسبب الأوضاع الداخلية لسوريا والعزلة الدولية التي تعيشها، مضيفا، أن “عدم وجود علاقات مصرفية وتجارية كبيرة يقلل من التأثيرات الاقتصادية المباشرة“.
التأثيرات الجزئية:
- 1. تدفق اللاجئين: دخول اللاجئين السوريين إلى العراق يضع ضغطا على الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والسكن، ويزيد الإنفاق الحكومي.
- 2. سوق العمل: اللاجئون قد يخلقون منافسة مع العمالة المحلية، ما يسبب ضغوطا اقتصادية واجتماعية.
- 3. تكاليف النقل والتأمين: الاضطرابات تزيد تكاليف النقل والشحن وترفع أسعار التأمين على السلع العابرة للمنطقة.
- 4. تعطيل الطرق التجارية: اضطرابات الجوار قد تؤدي إلى زيادة تكلفة الواردات وتأخير وصول السلع بسبب تعطيل الطرق التجارية مع سوريا ودول مجاورة أخرى.
وختم صالح، مؤكدا على أهمية مراقبة تداعيات الأوضاع الإقليمية لضمان استقرار الاقتصاد العراقي وتقليل التأثيرات السلبية غير المباشرة.
قراءة متشائمة!
على عكس حديث مستشار السوداني فيقول الخبير الاقتصادي مجبتى عبد المنعم بأن” الأحداث في سوريا ستؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الاقتصاد العراقي خلال المستقبل القريب والمتوسط بعدة طرق، نظراً للعلاقات الجغرافية والتجارية الوثيقة بين البلدين. ومن أبرز التأثيرات حسب حديثه مع إنماز نيوز”:
- 1. التجارة الحدودية:
- قد يتراجع النشاط التجاري بسبب تدهور الوضع الأمني في سوريا إلى تراجع التبادل التجاري عبر الحدود، حيث أن سوريا معبراً مهماً للسلع العراقية إلى الأسواق الدولية، خاصة إلى أوروبا عبر ميناء طرطوس.
- يتوقع زيادة التكاليف: إغلاق المعابر الحدودية أو تقييد حركة النقل يزيد من تكاليف الاستيراد والتصدير، ما يؤثر على أسعار السلع في العراق.
- 2. أزمة اللاجئين:
- ضغط على الموارد: استقبال العراق لعدداً كبيراً من اللاجئين السوريين، مما سيشكل ضغطاً على الموارد والخدمات العامة مثل السكن، والتعليم، والرعاية الصحية.
- التأثير على سوق العمل: دخول اللاجئين سيؤدي إلى زيادة المنافسة في سوق العمل، خاصة في القطاعات غير الرسمية، مما يؤثر على فرص العمل للعراقيين.
- 3. التأثير الأمني:
- انتشار الجماعات المسلحة: من الممكن أن تساهم الأحداث في سوريا بعد سقوط نظام الأسد بانتقال عناصر مسلحة إلى العراق، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني ويؤثر سلباً على الاستثمار الأجنبي والاستقرار الاقتصادي.
- تكاليف إضافية للأمن: ستقوم الحكومة العراقية بزيادة إنفاقها على الأمن لمواجهة التهديدات الناشئة، مما يؤثر على تخصيص الموارد للقطاعات الاقتصادية الأخرى.
- 4. قطاع الطاقة:
- اضطراب الإمدادات: بسبب القرب الجغرافي مع سوريا، فأن خطوط نقل الغاز والنفط من سوريا والعراق معرضة للتأثر نتيجة الصراعات، ما يؤثر على الإنتاج وتصدير الطاقة.
- زيادة الطلب المحلي: مع تدهور إنتاج الطاقة في سوريا، سيرتفع الضغط على العراق لتوفير موارد الطاقة لمناطق الحدود وبعض اللاجئين.
- 5. التأثير على الاستثمار والتجارة الإقليمية:
- تراجع الاستثمارات الإقليمية: عدم الاستقرار في سوريا والعراق يعيق جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصةً في مشاريع البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية.
- تعطل المبادرات الإقليمية: الخطط المشتركة بين العراق وسوريا لتطوير التجارة والطاقة توقفت أو تأجلت بسبب الوضع الأمني السابق.
- 6. التضخم وأسعار السلع:
- تأثر أسعار السلع الغذائية والمواد الأساسية نتيجة لاضطراب التوريد عبر سوريا، مما سيؤدي إلى تضخم إضافي داخل العراق، خاصة في المناطق الشمالية والغربية القريبة من الحدود.
- 7. التعاون الاقتصادي:
- على الرغم من التحديات، حاول البلدان تعزيز التعاون الاقتصادي في السنوات الأخيرة، خاصة بعد استقرار بعض المناطق، من خلال إعادة فتح المعابر الحدودية مثل القائم- البو كمال لتنشيط التجارة.
تأثير أحداث سوريا على الاقتصاد العراقي سيكون واسع النطاق، وينتج عنه تحديات اقتصادية وأمنية واجتماعية. ورغم الجهود المشتركة لتحسين العلاقات الاقتصادية، فإن الاستقرار في سوريا لا يزال عاملاً حاسماً لتعزيز الاقتصاد العراقي على المدى الطويل بحسب عبد المنعم.