بغداد – خاص
في عام 2018، أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران، مما أثر على قدرة العراق على استيراد الغاز الإيراني الضروري لتشغيل محطات الكهرباء. لمواجهة هذا الوضع، منحت واشنطن بغداد إعفاءات مؤقتة تسمح لها بمواصلة استيراد الطاقة من إيران. على سبيل المثال، في مارس 2019، منحت الولايات المتحدة العراق إعفاءً لمدة 90 يومًا لاستيراد الطاقة من إيران.
في وعام 2024، وقّع العراق عقدًا جديدًا مع إيران لاستيراد الغاز لمدة خمس سنوات، بكمية تصل إلى 50 مليون متر مكعب يوميًا.
مع ذلك، تواجه هذه الاتفاقيات تحديات بسبب العقوبات الأمريكية، حيث تتطلب الإعفاءات تجديدًا دوريًا. ففي 2023، مددت الولايات المتحدة الإعفاء الممنوح للعراق لمدة أربعة أشهر إضافية.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه العراق صعوبات في سداد مستحقات إيران بسبب القيود المفروضة على استخدام الأموال، مما يؤدي أحيانًا إلى تقليص إيران لإمدادات الغاز.
وتسعى الحكومة العراقية إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني من خلال استيراد الغاز من دول أخرى مثل تركمانستان وقطر، بالإضافة إلى تطوير مشاريع الطاقة المتجددة.
قرار مفاجئ
في أول القرارت التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه العراق وبشكل نهائيًا بإلغاء الإعفاءات الممنوحة للعراق لاستيراد الغاز من إيران، وتستمر في منح تمديدات مؤقتة لتجنب تأثير ذلك على قطاع الطاقة العراقي. القرار التنفيذيّ يضع بغداد أمام تحديات كبيرة نظرًا لاعتمادها الكبير على هذه الواردات لتلبية احتياجاتها من الطاقة“.

تأثيرات القرار الأميركي
تحدد عضو لجنة النفط والغاز البرلمانية زينب الموسوي بأن” إلغاء الإعفاءات الأمريكية للعراق فيما يتعلق باستيراد الكهرباء والغاز من إيران قد يؤدي إلى عدة تأثيرات اقتصادية وسياسية. حيث تحددها البرلمانية في حديث لـ(إنماز نيوز) في 4 عوامل ستؤدي لأزمة خانقة في تجهيز الطاقة الكهربائية و خصوصًا في فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعًا كبيرًا في الطلب على الطاقة الكهربائية مقارنة بحجم الإنتاج المحلي الذي يلبي الحاجة:
1.الأزمة الطاقوية: العراق يعتمد بشكل كبير على واردات الغاز والكهرباء من إيران لتلبية احتياجاته الداخلية. بدون الإعفاءات، قد يواجه العراق صعوبة كبيرة في تأمين هذه الإمدادات الحيوية، مما قد يؤدي إلى زيادة انقطاع الكهرباء وتدهور مستوى الخدمات في البلاد، وهو ما يعمق الأزمة الطاقوية.
2.الاقتصاد العراقي: العراق يعاني من أزمة اقتصادية كبيرة نتيجة لتراجع أسعار النفط وارتفاع معدلات البطالة. قطع الإعفاءات يمكن أن يؤدي إلى زيادة التكاليف المرتبطة بإنتاج الكهرباء والغاز محليًا، مما يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد العراقي.
3.التوترات السياسية: من الناحية السياسية، قد يؤدي إيقاف الإعفاءات إلى توتر العلاقات بين العراق والولايات المتحدة، وكذلك مع إيران. العراق، الذي يحاول الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من واشنطن وطهران، قد يجد نفسه في موقف صعب إذا كان مضطراً للبحث عن مصادر بديلة للطاقة أو الدخول في صراعات دبلوماسية جديدة.
4.البدائل الممكنة: العراق قد يضطر إلى السعي لإيجاد بدائل مثل الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة أو توقيع اتفاقيات مع دول أخرى لتوفير الكهرباء والغاز، وهو ما قد يستغرق وقتًا ويتطلب استثمارات ضخمة.

وأشارت الموسوي إلى أن” إيقاف الإعفاءات له تأثير سلبي على العراق على المدى القصير، حيث يواجه تحديات اقتصادية وطاقة كبيرة، ما يستدعي إيجاد حلول سريعة ومستدامة“.
كما يحدد الاستشاري الاقتصادي مناف الصائغ بدائل العراق لسد احتياجاته من الغاز والكهرباء من خلال استيراد الغاز من دول أخرى تركمانستان وقطر حيثُ يُعتبر الغاز القطري خيارًا محتملاً، نظرًا لقدرة قطر على تصدير الغاز المسال، ولكن يتطلب ذلك بنية تحتية مناسبة للاستيراد “.

وقال الصائغ في حديث لـ(إنماز نيوز) إن” تأثير قرار ترامب على السوق العراقية سيؤدي إلى انقطاع محتمل في إمدادات الطاق و قد يؤدي توقف استيراد الغاز والكهرباء من إيران إلى انقطاع التيار الكهربائي، مما يؤثر سلبًا على المصانع والمزارع كما أن” ارتفاع تكاليف الإنتاج قد يضطر العراق إلى اللجوء لمصادر طاقة بديلة أكثر تكلفة، مما يزيد من تكاليف الإنتاج”.
كما أن القرار وفق الصائغ سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وانقطاع الكهرباء قد يؤديان إلى زيادة أسعار السلع (التضخم) وتباطؤ النشاط الاقتصادي (الركود). مشيرًا إلى أن” العراق سيواجه تحديات كبيرة نتيجة لهذا القرار، ويجب عليه تسريع جهوده لتطوير مصادره المحلية وتنويع شركائه في مجال الطاقة لضمان استقرار إمدادات الكهرباء والغاز.
حلولاً لتجنب الأزمة
وتضع عضو لجنة الكهرباء والطاقة البرلمانية ذكرى الرديني حلولاً لتفادي قرار ترامب والخروج من الأزمة التي تلوح في الأفق القريب خصوصًا مع اقتراب فصل الصيف الذي يشهد زيادة في الطلب على الطاقة الكهربائية حيث قالت الرديني في تصريح لـ(إنماز نيوز) إن” الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة قد يسرع من تطوير مشروعات الطاقة المحلية، بما في ذلك بناء محطات كهرباء جديدة تعتمد على الغاز المحلي أو النفط الأسود”.

تضيف البرلمانية عن محافظة بغداد: استثمار في الطاقة المتجددة: مع زيادة الاهتمام العالمي بالطاقة المتجددة، قد يكون من المفيد للعراق بدء الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية أو الرياح وتحويل النفايات إلى طاقة طاقة كهربائية كما سيحدث في مشروع النهروان التي تم إحالته إلى شركة صينية، خاصة في المناطق التي تتمتع بمناخ مناسب لذلك“.
كما تلوح الرديني إلى حلول خارجية عن طريق التفاوض مع دول أخرى لتأمين الإمدادات: يمكن للعراق البحث عن بدائل للطاقة من دول مثل تركيا أو السعودية أو حتى من دول خليجية أخرى. هذا قد يتطلب توقيع اتفاقيات جديدة أو استثمارات في بنية تحتية جديدة، مثل خطوط الأنابيب أو شبكات الكهرباء مع تعزيز التنسيق مع دول الخليج: قد يحاول العراق الاستفادة من علاقاته مع دول الخليج لتأمين إمدادات طاقة طويلة الأمد أو موقتة، خاصة إذا كانت هذه الدول مهتمة باستقرار العراق“.
وتسترسل الرديني في حديثها عن الحلول أيضًا بالقول إن”إجراءات ترشيد استهلاك الطاقة في المؤسسات الحكومية والمنازل وتشمل هذه الإجراءات فرض أوقات ذروة لتوزيع الكهرباء أو تشجيع على استخدام أجهزة كهربائية موفرة للطاقة فضلاً عن تعزيز الوعي العام من خلال إطلاق حملات توعية تهدف إلى تقليل استهلاك الكهرباء قد تكون خطوة إضافية، خاصة في ضوء الضغط الكبير على الشبكة الكهربائية خلال أشهر الصيف تحديدًا”.
وتؤشر إيضًا بأن“المساعدات الدولية والقروض تساعد في حلحلة أزمة الطاقة الكهربائية من خلال الحصول على مساعدات أو قروض من دول أو مؤسسات دولية مثل البنك الدولي أو الأمم المتحدة، لدعم استثماراته في قطاع الكهرباء والطاقة. هذه المساعدات قد تكون مسارًا لتطوير البنية التحتية بشكل أسرع كما أن” تحسين إدارة وتوزيع الكهرباء: على المدى الطويل، من المهم للعراق أن يقوم بإصلاحات هيكلية في قطاع الكهرباء، بما في ذلك تحديث الشبكات والتوزيع، ومحاربة الفساد في هذا القطاع، وتحسين الكفاءة التشغيلية لمحطات الكهرباء“.
وتختم الرديني حديثها بأن” الضغط السياسي والدبلوماسيمحاولة تهدف التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وإيران: من خلال التفاوض مع الولايات المتحدة لإيجاد حل أو تمديد الإعفاءات، خاصة في ضوء الضغط الكبير الذي يعاني منه النظام الكهربائي في البلاد. في الوقت نفسه، يمكن أن يسعى العراق إلى تحسين علاقاته مع إيران لتأمين استمرارية تدفق الغاز“.