رسالة لم تصل بعد

شارك الخبر

فدى الحاج

عند اطراف المدينة ، حيث تتشابك أضواء المصابيح مع همسات الليل، يجلس وحيداً، يكتب على أوراقه كلمات اثقلت عاتقه كأنها مرآة تكشف له حقيقة لم يبح بها من قبل.كانت رسالة تحمل اعترافاً وربما حنيناً لم يجد له صدى في وقت مناسب.

كانت رسالة مختلفة عمّا سبقها، كلماتها صريحة، صاخبة بصمتها، تكشف عن كل ما أخفته السنوات، كل حرف فيها يهمس بصوتٍ لم يسمعه أحد، وكأنها محاولة أخيرة لإصلاح ما ضاع، لكن شيئاً ما لم يمكّنها من الوصول، البريد تأخر، والاضواء غفت في أحضان الظلام، لتظل عالقة بين ما كان وما يمكن ان يكون.

الليل ينساب بهدوء، والريح تسللت من النافذة، تحمل معها شعورًا بالانتظار. هو يغلق عينيه، يتخيل الوجه الذي سيقرأ الرسالة يومًا، يتخيل الدموع أو الابتسامة التي قد ترتسم، ويتساءل بصوت خافت:: هل ستصل هذه الكلمات، ام ستظل معلقة بيد القدر؟؟؟

كان يحمل القلم في قلبه ويخط احرفه من فيض حبه واشتياقه، كانت الرسالة جزء من روحه، صدى الماضي ومفتاحاً لِمَا سيأتي.

بينما هو كذلك مرت نسمة هواء على وجنتيه، ليسرح خياله في صور لم سيحدث عند وصولها: الدهشة في العيون التي طالما كان يتغنى بها، ام الصمت الطويل قبل الكلام، او ربما الدمعة التي تتراقص في المُقل!. كل هذا كان يترك اثراً في قلبه، يجعل دقاته لا تتوقف من شدة اللهفة لحدوثه.

ظل جالساً يتأمل ذلك النور البعيد علّه يقترب حاملاً أي جواب، لكنه لم يتحرك. كل وهج كان يلمع ويخبو، كأن الزمن نفسه يتردد قبل أن يمنح شيئًا جديدًا.

الانتظار اصبح جزءاً من الرحلة، رحلة ستجد طريقها الى يد حبيبته، فتصفى القلوب، ويعود دفء اللقاء، حيث الكلمات التي لم تُقل بعد تجد مكانها في العيون والقلوب تتنفس بسلام، فالرسالة مهما طال الزمن في ايصالها لابد ان تصل في وقت مرتقب.