في ذكرى جريمة «حلجبة» .. الدول المتورطة في تزويد النظام العراقي بالأسلحة الكيماوي؟

شارك الخبر

خاص – جريمة حلبجة تُعد من أبشع الجرائم التي ارتُكبت في التاريخ الحديث، وهي هجوم بالأسلحة الكيماوية شنّه نظام صدام حسين على مدينة حلبجة الكردية الواقعة في شمال العراق، وذلك في 16 مارس/آذار 1988، خلال الأيام الأخيرة من الحرب العراقية الإيرانية.

تفاصيل الجريمة:
• استهدفت القوات العراقية المدينة بغازات سامة، منها غاز الخردل وغاز الأعصاب (السارين والتابون).
• الهجوم استمر عدة ساعات، ونتج عنه مجزرة راح ضحيتها حوالي 5,000 مدني أغلبهم من النساء والأطفال، وأُصيب عشرات الآلاف بجروح واختناقات وتشوهات.
• الهدف كان معاقبة سكان حلبجة بحجة تعاونهم مع القوات الإيرانية، بعد أن سيطرت الأخيرة لفترة مؤقتة على المدينة.

الأثر الإنساني والبيئي:
• بقيت آثار الجريمة لعقود، حيث أصيب السكان بأمراض مزمنة، تشوهات خلقية لدى الأجيال التالية، وانتشر السرطان بشكل واسع في المنطقة.
• دُمرت البنية التحتية للمدينة، وعانت من تلوث بيئي خطير.

التوصيف القانوني:
• تُعتبر جريمة ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية (جينوسايد).
• في عام 2010، قضت المحكمة العراقية العليا باعتبار مجزرة حلبجة “جريمة إبادة جماعية”.

الذاكرة والتوثيق:
• تُخلّد الذكرى سنويًا في 16 مارس، ويُعد ذلك اليوم يومًا للحداد الوطني في إقليم كردستان العراق.
• هناك نُصُب ومتاحف تخلد المجزرة، مثل متحف حلبجة التذكاري.
• العالم لا يزال يُدين تلك الجريمة، واعتُبرت من أبرز استخدامات الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في القرن العشرين.

محاكمة المتورطين في جريمة حلبجة

بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، بدأت محاكمات كبار المسؤولين المتورطين في الجرائم التي ارتكبها النظام، ومنها جريمة حلبجة.

علي حسن المجيد (علي الكيماوي)
• هو أحد أبرز الشخصيات المتورطة في قصف حلبجة، وكان يُلقب بـ”علي الكيماوي” بسبب استخدامه للأسلحة الكيماوية.
• أُدين بعدة تهم، أبرزها الإبادة الجماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب.
• في 17 يناير 2010، أُصدر عليه حكم بالإعدام لتنفيذه مجزرة حلبجة، وتم تنفيذ الحكم في 25 يناير 2010.

صدام حسين
• لم يُحاكم بشكل مباشر على جريمة حلبجة، حيث تم إعدامه بعد إدانته في قضية الدجيل، لكنه كان المسؤول الأعلى الذي أعطى الضوء الأخضر للحملة المعروفة بـالأنفال، والتي شملت حلبجة ضمن حملات القمع ضد الأكراد.

محكمة الجنايات العليا في العراق
• أصدرت في 1 مارس 2010 قرارًا باعتبار ما حدث في حلبجة جريمة إبادة جماعية (جينوسايد)، واعترفت رسميًا بالجريمة على هذا الأساس.

ردود الفعل الدولية

آنذاك (1988)
• التفاعل الدولي كان ضعيفًا جدًا في وقت الجريمة بسبب التحالفات السياسية ووقوف بعض الدول إلى جانب النظام العراقي خلال الحرب ضد إيران.
• بعض الدول غضّت الطرف رغم توفر تقارير استخباراتية عن استخدام الأسلحة الكيماوية.

لاحقًا
• في التسعينات، بدأت منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية توثيق الجريمة.
• مع سقوط النظام، برز الاهتمام العالمي، وبدأت بعض الدول مثل السويد والنرويج وكندا بالاعتراف بالمجزرة كإبادة جماعية.
• البرلمان الأوروبي أدان الجريمة، ودعا إلى محاسبة المتورطين.

توثيق الجريمة والمطالبة بالعدالة
• الضحايا وذووهم يطالبون إلى اليوم باعتراف دولي أوسع وإدانة رسمية من المجتمع الدولي.
• حملة مستمرة لاعتراف الأمم المتحدة بمجزرة حلبجة كـ جريمة إبادة جماعية عالمية.

الدول المتورطة في تزويد النظام العراقي بالأسلحة الكيماوية

رغم أن العراق نفسه لم يكن يصنع كامل مكونات الأسلحة الكيماوية، فقد حصل على مساعدات مباشرة وغير مباشرة من شركات ودول غربية وشرقية وفّرت له المواد الخام والتكنولوجيا اللازمة.

أبرز الدول والشركات المتورطة:
1. ألمانيا (آنذاك: ألمانيا الغربية)
• العديد من الشركات الألمانية زوّدت العراق بمواد كيميائية ومعدات صناعية استخدمت في إنتاج غازات الأعصاب والخردل.
• بعد الحرب، واجهت بعض هذه الشركات تحقيقات وضغوط قانونية بسبب دورها في دعم برامج الأسلحة الكيماوية العراقية.
2. الولايات المتحدة الأمريكية
• رغم نفيها الرسمي، تقارير استخباراتية أمريكية آنذاك أكدت علمها باستخدام العراق للأسلحة الكيماوية.
• الوثائق كشفت أن واشنطن قدّمت معلومات استخباراتية للعراق خلال الحرب مع إيران، كانت تُستخدم أحيانًا لتوجيه ضربات كيماوية.
• لم تزود أمريكا العراق بأسلحة كيماوية مباشرة، لكنها لم تُدن الجرائم بوضوح وقتها، لحسابات سياسية ضد إيران.
3. فرنسا
• كانت من كبار الداعمين العسكريين للعراق، خصوصًا في مجال الأسلحة التقليدية، لكن هناك تقارير عن دعم تقني وصناعي يُحتمل أنه استخدم في برامج الأسلحة الكيماوية.
4. الاتحاد السوفيتي (روسيا لاحقًا)
• وفّر تكنولوجيا عسكرية واسعة للعراق، مع بعض الدعم غير المباشر للبرامج الكيماوية.
5. شركات من دول أخرى
• شركات من هولندا، إيطاليا، بلجيكا، والهند ساهمت بتوريد المواد الكيماوية، منها المواد المزدوجة الاستخدام (تُستخدم صناعيًا وعسكريًا).

حملة الأنفال: الخلفية الأوسع لمجزرة حلبجة
• مجزرة حلبجة كانت جزءًا من حملة الأنفال التي نفّذها النظام العراقي ضد الأكراد بين عامي 1986-1989.
• الهدف كان إبادة جماعية ممنهجة لتفريغ القرى الكردية وقتل السكان وتهجيرهم، بدعوى أنهم يدعمون إيران أو جماعات مسلحة.
• نتج عنها مقتل نحو 180,000 كردي، وتدمير آلاف القرى، واستخدام واسع للأسلحة الكيماوية.

الاعترافات والمحاسبة الدولية: أين العالم الآن؟
• رغم الاعترافات المحدودة، لم تُحاكم الشركات أو الدول المتورطة إلا نادرًا، وبعضها دفع تعويضات بسيطة.
• الضغط مستمر من الناشطين الكرد والمنظمات الحقوقية لفضح هذه العلاقات والمطالبة بمحاسبة عادلة.
• حتى اليوم، تُعد جريمة حلبجة رمزًا للسكوت الدولي عن الإبادة الجماعية عندما تتداخل المصالح السياسية والاقتصادية.

المصادر الموثوقة والتقارير التي توثّق جريمة حلبجة، تورّط شركات ودول، وردود الفعل الدولية. بعض هذه الوثائق والمراجع تم الاعتماد عليها في تحقيقات دولية وصحفية:

1. تقارير استخباراتية أمريكية – مُفرج عنها
• تقرير لـوكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) نُشر بعد رفع السرية، كشف أن الولايات المتحدة كانت تعلم باستخدام العراق للأسلحة الكيماوية ضد إيران وضد الأكراد، ولم تمنع أو تُدين ذلك علنًا.
• مصدر:
• موقع The National Security Archive – وثائق رسمية.
nsarchive.gwu.edu (ابحث: “Iraq chemical weapons CIA”)

2. تقرير “هيومن رايتس ووتش” – حملة الأنفال
• تقرير موسّع بعنوان “Genocide in Iraq: The Anfal Campaign Against the Kurds”
• يوثق مجزرة حلبجة بالتفصيل ويستعرض الأدلة على استخدام الأسلحة الكيماوية، وخطط الإبادة الجماعية ضد الأكراد.
• رابط:
hrw.org/reports/1993/iraqanfal

3. تورط الشركات الألمانية والهولندية – تحقيقات ومحاكمات
• قضية فرانس فان أنهات (Frans van Anraat)، رجل أعمال هولندي أدين في 2005 بتوريد مواد كيميائية للعراق، واُعتبر متواطئًا في الإبادة الجماعية.
• محاكم ألمانية حققت مع عدة شركات ألمانية صدّرت معدات ومواد “مزدوجة الاستخدام”.
• مصدر:
• صحيفة The Guardian
theguardian.com/world/2005/dec/24/iraq.warcrimes

4. كتاب موثوق: “The Poison Gas War in Kurdistan” – من تأليف Joost Hiltermann
• كتاب توثيقي شامل من صحفي وباحث عمل مع “هيومن رايتس ووتش”، يتناول تفاصيل حلبجة، الأدلة الجنائية، والمواقف الدولية.

5. تقارير الأمم المتحدة – لجنة نزع السلاح (UNSCOM)
• بعد 1991، لجنة UNSCOM فتشت مواقع تصنيع الأسلحة الكيماوية بالعراق، وأكدت امتلاكه برنامجًا متطورًا بدعم خارجي.
• تقاريرها متاحة عبر موقع الأمم المتحدة:
www.un.org/Depts/unmovic

خلاصة: التأثير السياسي
• جريمة حلبجة أصبحت رمزًا لمأساة استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا ضد المدنيين.
• رغم اعتراف بعض الدول بالجريمة، لم يتم محاسبة الدول الداعمة فعليًا، باستثناء حالات فردية.
• أثّرت الجريمة لاحقًا في صياغة قوانين دولية أشدّ بشأن الأسلحة الكيماوية، مثل معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية (CWC).