قانون الصحة النفسية في العراق: خطوة حاسمة نحو مجتمع أكثر توازنًا

شارك الخبر

في ظل التحديات النفسية المتراكمة التي يعاني منها الشعب العراقي نتيجة الحروب، النزاعات، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة، تبرز أهمية إقرار وتفعيل قانون الصحة النفسية كضرورة وطنية وإنسانية لا تحتمل التأجيل.

لقد جاء قانون الصحة النفسية في العراق ليمثل نقلة نوعية في طريقة تعامل الدولة مع القضايا النفسية، متجاوزًا النظرة التقليدية التي غالبًا ما همّشت هذه الجوانب الحيوية في حياة الإنسان. يهدف القانون إلى تنظيم الخدمات النفسية، حماية حقوق المرضى النفسيين، وضمان حصولهم على الرعاية والعلاج في بيئة إنسانية تحفظ كرامتهم وتحترم خصوصيتهم.

تشير الإحصاءات إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات الاضطرابات النفسية بين مختلف الفئات العمرية في العراق، خاصة بين الشباب والنساء وضحايا النزاعات. ومع غياب إطار قانوني واضح في السابق، كان من الصعب محاسبة الانتهاكات أو ضمان وجود معايير مهنية للرعاية النفسية، سواء في المؤسسات الصحية أو داخل المجتمع.

من أبرز ما يقدمه القانون هو تعزيز دور الأطباء النفسيين وتدريب الكوادر المختصة، وتنظيم عملية دخول المرضى إلى المصحات النفسية سواء بموافقتهم أو في حالات الضرورة القصوى التي تستدعي تدخلاً عاجلاً لحمايتهم أو حماية الآخرين. كما ينص على تشكيل لجان رقابية مستقلة لضمان تطبيق القانون بعدالة ومهنية.

ولا يقل أهمية عن ذلك ما يوفره القانون من حماية قانونية ضد التمييز والوصمة الاجتماعية التي تطال المرضى النفسيين، مما يسهم في دمجهم بالمجتمع ويشجع المصابين على طلب المساعدة دون خوف من الأحكام المسبقة.

تطبيق هذا القانون بنجاح يتطلب تكامل الجهود بين الحكومة، المنظمات غير الحكومية، والمؤسسات التعليمية والإعلامية، بهدف نشر الوعي المجتمعي، وتوفير الموارد اللازمة لتطوير البنية التحتية للرعاية النفسية في البلاد.

ختامًا، فإن قانون الصحة النفسية في العراق ليس مجرد تشريع قانوني، بل هو خطوة في طريق بناء مجتمع صحي، متوازن، يُعلي من شأن الإنسان ويصون كرامته النفسية كما يصون جسده.

زينب جمعة الموسوي

عضو لجنة الصحة والبيئة البرلمانية