الحياد خيانة في زمن الصواريخ

شارك الخبر

فدى الحاج – ما يجري اليوم بين إيران والكيان الصهيوني لم يعد مجرد “توتر إقليمي”. إنها مواجهة مفتوحة تتحدى ميزان القوى التقليدي في المنطقة، بين مشروع مقاومة يرفض الخضوع، وكيان غاصب ومجرم مدعوم بلا شروط من الغرب. في هذه المعركة، لا مجال للحياد، ولا للمواقف الرمادية.

إيران هي الدولة الوحيدة التي كسرت حاجز الصمت والخوف، وأعلنت المواجهة الصريحة. لأول مرة نشاهد دولة تجرؤ على إطلاق صواريخها نحو “تل أبيب” علنًا، لا عبر وكلاء، ولا بالنيابة، بل في قلب المشهد، وعين المواجهة.

قد لا تتفق مع سياسات دولة ما، أو لا تنحاز إلى طرف بعينه. لكن من الإنصاف والعدل أن تعترف بأن إيران اليوم تقف حيث تراجع آخرون، وتدفع ثمن المواجهة، لا ثمن المساومة.

في المقابل، رأينا من هرولوا إلى اتفاقيات التطبيع، ووقفوا على ركام الخطاب القومي بلا خجل. من بينهم من يطلب الحياد، ويتذرّع بالواقعية. لكن، ماذا يعني الحياد حين تكون الصواريخ في السماء، والأجساد تحت الركام؟

الحياد اليوم ليس “اتزانًا”، بل تخفٍّ وراء خطاب مضلّل. هو تبرير للخنوع، وغضّ طرف عن الجرائم، وتمييع للعدالة. من يصمت الآن، إنما يشارك – بصمته – في خيانة القضية، وتصفية المعنى الأخلاقي للمقاومة.

في زمن الصواريخ، الكلمة لم تعد محايدة. الكلمة موقف، والسكوت خيانة.
ولمن لا يملك سلاحًا، ما زال يملك ضميرًا، وصوتًا، وحقًّا في ألا يكون شاهد زور.