فدى الحاج – في لحظة ذات دلالة رمزية عظيمة، لم تكن بداية المواجهة الأخيرة مع إيران مجرّد صدفة زمنية، بل جاءت بيوم الذي قال فيه الله تعالى في كتابه الكريم:
“اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا“
وكأنّ القدر أراد أن يُعيد رسم المشهد مرة أخرى، فكما اكتمل الدين في يوم الغدير بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كذلك فتحت أبواب المعركة في ذات اليوم، لتؤكد أن الولاية لا تزال حاضرة، تقود وتصنع الموقف، وتوجه البوصلة نحو العزة والكرامة
على مدى اثني عشر يومًا، دارت حرب قاسية، استخدم فيها العدو كل ما يملك من أدوات القتل والتدمير، لكنّه فوجئ بما لم يكن في حسبانه من صمود، إيمان، ثبات، وعقيدة لا تتزعزع.
: كانت معركة ، لقّنت العدو درسًا موجعًا أعاده إلى الوراء، إلى العام 1948، إلى لحظة النكبة واحتلال فلسطين، حين ظن أن بمقدوره تأسيس كيان على حساب الشعوب المظلومة
لكن الفارق هذه المرة أن الشعوب لم تعد كما كانت، وأن المقاومة باتت تعرف طريقها، وأن الصوت الذي انطلق من طهران، لم يكن صوت صواريخ فحسب، بل كان صدى عقيدة وولاية، عبّرت عنها نهايات الحرب، حين تجلت في معناها الخاتم، “واتممت عليكم نعمتي”
إن هذه المواجهة لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت محطة عقائدية وسياسية بامتياز، جسّدت فيها إيران نموذج الدولة التي لا تساوم على الحق، ولا تنكسر أمام العدوان، لأنها تستند إلى قوة أعمق من السياسة: قوة الإيمان، والولاء، والثبات على المبدأ
لقد أثبتت إيران مرة أخرى، أن من يخلص في نيّته لله، ويسير على نهج الولاية، فإن الله لا يخذله أبدًا. وأن الكيان الغاصب، مهما طال بطشه، ومهما تواطأ معه القريب والبعيد، لا مستقبل له في أرض لا تقبل الاحتلال، ولا تستكين للظالمين
إن النصر الذي تحقق، وإن كان عسكريًا، إلا أن بُعده الأكبر يكمن في رمزيته؛ فقد جاء في يوم إكمال الدين، وانتهى بمعنى إتمام النعمة، فليُدرك الجميع أن الولاية ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة ومواجهة ونصر.