د.مثنى إبراهيم الطالقاني – شبكة إنماز نيوز
مع اقتراب نهاية الدورة الحالية لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يتجدد الحديث عن أبرز التحديات التي رافقت مسيرتها، وعلى رأسها ملف السلاح المنفلت الخارج عن السيطرة وضرورة حصره بيد الدولة.
هذا المبدأ الذي ارتكزت عليه التفاهمات السياسية التي أنشأت الحكومة الحالية ولم يكن ذلك خياراً عراقياً فحسب، بل جاء بتوافقات إقليمية ودولية تسعى لنقل العراق من مرحلة الفوضى إلى مرحلة الاستقرار السياسي والأمني.
فمنذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023، والتي أشعلت فتيل حرب إسرائيلية جديدة بدعم أمريكي مفتوح، برز خطر انزلاق العراق إلى مواجهة غير محسوبة، خصوصاً مع وجود فصائل مسلحة تمتلك قرارها خارج إطار الدولة.
لكن الحكومة العراقية أبدت قدرة واضحة على ضبط إيقاع المواقف، ونجحت إلى حد كبير في إقناع فصائل المقاومة بضرورة التهدئة وعدم فتح جبهة قد تعصف بمكتسبات أمنية واقتصادية هشة تم بناؤها بشق الأنفس منذ سنوات.
هذا الموقف لاقى إشادة غير معلنة من المجتمع الدولي الذي رأى في العراق لاعباً معتدلاً وسط صراع إقليمي متأجج، وبارقة أمل في الحفاظ على استقرار المنطقة.
غير أن هذا النجاح المرحلي لم يكن كافياً لتثبيت مبدأ حصر السلاح، والذي لا يزال شعاراً أكثر منه واقعاً.
اليوم، ومع تراجع الزخم الحكومي في هذا الملف عادت الدعوات للواجهة، لكن من خارج دوائر السلطة التنفيذية، وتحديداً من جهات دينية وشعبية مؤثرة، على رأسها المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف المتمثلة بـ آية الله العظمى السيد علي السيستاني، وكذلك زعيم التيار الوطني الشيعي السيد مقتدى الصدر، والأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي، الذين أكدوا في مراحل متعددة على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة وأهمية انخراط جميع الفصائل المسلحة بالمؤسسات الامنية العسكرية.
ورغم تلك الدعوات المتكررة، ما زالت بعض الفصائل غير المرتبطة رسمياً بهيئة الحشد الشعبي ترفض الانصهار ضمن الأطر العسكرية الرسمية، ما يبقي الباب مفتوحاً أمام احتمالات خطيرة، خاصة مع وجود ملفات “مشخصة” كما وصفت في الكثير من التقارير بحوزة الجانب الأمريكي، قد تُستثمر لإعادة خلط الأوراق في الداخل العراقي عبر فرض سيناريوهات متطرفة كـ”حكومة إنقاذ” أو “حكومة طوارئ” تحت ذريعة الأمن القومي.
ومع وجود ترامب تتزايد المخاوف من سياسة أكثر صرامة تجاه العراق، وربما محاولة فرض تغييرات داخلية تتجاوز الإطار الدستوري، إن لم تُحسم الملفات العالقة وأبرزها ملف السلاح الموازي.
وفي ظل هذا المشهد نتسائل: هل سيحسم رئيس الوزراء محمد السوداني خلال ما تبقى من عمر حكومته ملف السلاح ويحول شعار “السلاح بيد الدولة” إلى واقع ملموس، أم سيبقى مجرد أمنية متجددة تهددها الحسابات السياسية والإقليمية؟