في بغداد النفايات ومحطات الطاقة.. تهديدات تتراكم بصمت!

شارك الخبر

الدكتورة المهندسة سندس العزاوي – الخبير الاستشاري

استفاقت العاصمة بغداد، اليوم الثلاثاء، على سماء ملبدة بسحب دخانية ما سببه!

العاصمة التي تنبض بالحياة تصحو اليوم على تحذيرٍ بيئي غير مسبوق: بغداد في المرتبة السابعة عالمياً بالتلوث، بمستوى 192 نقطة، أي أربعة أضعاف الحد المسموح به.. تذكيرٌ مرعب بأن الهواء الذي يتنفسه أكثر من عشرة ملايين إنسان صار مرضاً يومياً بلا دواء.

ان العراق يمر بأزمة تصحر كبيرة لكن هل هو هذا السبب الرئيسي لتلوث الجو ؟ لا طبعا

مؤشر جودة الهواء في العاصمة بغداد يُسجّل اللون البنفسجي، في دلالةٍ واضحة على تردّي الظروف البيئية وارتفاع مستويات الملوّثات في الجو، نتيجة لسكون الهواء وانتشار المعامل غير المنظمة المخالفة للبيئة حيث ان هنالك معامل غير مرخصة بيئيا.

النفايات ومحطات الطاقة.. تهديدات تتراكم بصمت

تشكل مواقع طمر النفايات ومحطات النقل البالغ عددها 68 موقعاً ما نسبته 4.56% من مصادر التلوث، حيث تطلق غاز الميثان الأخطر بـ80 مرة من ثاني أكسيد الكربون إضافة إلى غازات سامة أخرى. وتزيد المحطات العشوائية من انتشار الأمراض وتدهور جودة الهواء في الأحياء المكتظة.
أما محطات الطاقة الحرارية والغازية، مثل الدورة والقدس، فتسهم بنحو 0.87% فقط من إجمالي التلوث، لكنها تُصَنّف ضمن “الفئة A” للملوثات شديدة الخطورة بسبب تركيز انبعاثاتها وغياب أنظمة رقابة حقيقية.
والاهم من هذا كله زيادة تراكيز الغازات وخاصة ثاني أوكسيد الكبريت للجو وبدرجة كبيره في اجواء بغداد، إضافة إلى عوامل اخرى منها الالف المولدات التي تعمل ليلا ونهارا 24 ساعه يوميا وهي تعتبر ملوثات خطرة جدا.

أن مدى الرؤية الأفقية قد انخفض إلى مستويات متدنية نتيجة لسحب الدخان، فيما يعيش سكان العاصمة وسط غيمة كثيفة من الدخان المؤذي للبيئة وصحة الإنسان وايضا عدم الوعي بشان الكثير من التفاصيل ومنها غياب التخطيط الاخضر وقلة وجود الاشجار والمساحات الخضراء وغياب الوعي حيث اصبح نادرا مانرى الحدائق المنزلية حيث ان البيوت الـ400 متر عباره عن اربع او خمس بيوت صغيرة.

ويرى مختصون أن التحول إلى النقل الكهربائي يمكن أن يخفض انبعاثات بغداد بنسبة 25% خلال خمس سنوات إذا استُبدل 10% فقط من السيارات الحالية. ويؤكد خبراء التخطيط الحضري أن إحياء النقل العام الكهربائي—حافلات ومترو—هو حجر الزاوية لأي إصلاح جدي. واستبدال المولدات بمحطات للطاقه الشمسية وغيرها

ومع غياب الرقابة البيئية، تعمل وزارة البيئة بتجهيزات متقادمة دون نشر بيانات دورية عن جودة الهواء، فيما يطالب خبراء بإنشاء هيئة وطنية مستقلة تقيس التلوث وتنشر النتائج باعتبار الشفافية البيئية حقاً أساسياً للمواطن.

وتكشف أزمة التلوث في بغداد خللاً عميقاً في إدارة البيئة والخدمات، وتؤكد أن العاصمة تحتاج قرارات تنفيذية عاجلة لا بيانات موسمية. كل يوم تأخير يعني مزيداً من الأمراض، ومزيداً من الخسائر، ومزيداً من الهواء الذي لا يصلح للحياة.