دكتوراه للبيع! .. الوجه القبيح للشهادات الفخرية المزيفة

شارك الخبر

سدن سالم – في السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة منح “شهادات دكتوراه فخرية” من جهات غير رسمية، تدّعي أنها منظمات دولية أو جامعات افتراضية معتمدة في دول كبرى مثل المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، أو دول الاتحاد الأوروبي. وتكمن الخطورة في أن هذه الشهادات تُمنح لأفراد مقابل المال أو لأغراض ترويجية، دون أي معيار أكاديمي أو شرعي، ما يجعلها وسيلة للتضليل والاحتيال، خاصة عندما يتم الترويج لها على أنها ذات قيمة علمية أو قانونية.

أولًا: تعريف الشهادة الفخرية

الشهادة الفخرية الحقيقية (Honorary Degree) هي تكريم أكاديمي يُمنح من جامعات معترف بها لأشخاص حققوا إنجازات كبيرة في مجالات معينة مثل الأدب، العلوم، السياسة، أو الخدمة المجتمعية. يتم منحها بدون الحاجة إلى استيفاء الشروط الأكاديمية التقليدية مثل الدراسة أو الرسالة العلمية.

أما الشهادات الفخرية الزائفة فهي وثائق تصدر عن جهات وهمية أو غير معترف بها، وتُمنح غالبًا مقابل مبلغ مالي دون أي إنجاز حقيقي أو عملية تقييم علمية.

ثانيًا: خصائص الشهادات الفخرية الزائفة
1. تصميم رديء وغير احترافي
• غالبًا ما تكون مطبوعة على أوراق غير رسمية.
• تحتوي على شعارات مزيفة أو معدّلة من جامعات معروفة.
• تظهر عليها أخطاء لغوية أو أسلوبية فادحة.
• تفتقر إلى الأرقام التسلسلية أو الرموز الأكاديمية المعتمدة.
2. مزاعم كاذبة بالاعتماد الدولي
• تدّعي أنها صادرة عن “منظمة أوروبية” أو “مؤسسة أمريكية مرخّصة” دون أي دليل.
• تذكر أسماء دول أو جهات رسمية (كالاتحاد الأوروبي أو وزارة التعليم البريطانية) دون أن يكون لها أي صلة فعلية بها.
• تستخدم عبارات مبهمة مثل “مرخّص دوليًا” أو “معتمد في أكثر من 50 دولة”.
3. انعدام المعايير الأكاديمية
• لا توجد برامج دراسية أو عملية تقييم.
• لا يشترط أي مؤهل أو إنجاز حقيقي.
• تُمنح بناءً على طلب مباشر من الشخص نفسه، أو حتى مقابل ترويج للجهة المانحة.

ثالثًا: الغاية الحقيقية من هذه الشهادات
1. التضليل الشخصي أو المهني
• يستخدمها البعض لتحسين مظهرهم الاجتماعي أو المهني، دون أساس علمي.
• تُضاف للسير الذاتية بشكل مضلل، ما قد يؤدي إلى خداع جهات التوظيف أو الجمهور.
2. الربح المادي للمُصدرين
• غالبًا ما تكون هذه الشهادات جزءًا من “تجارة الألقاب” حيث تُباع بأسعار تبدأ من عشرات الدولارات وتصل إلى المئات.
• بعض المنظمات تبيع أيضًا “أوسمة وهمية” أو “جوازات دبلوماسية مزيفة” ضمن نفس المنظومة.
3. الإساءة للمؤسسات التعليمية الحقيقية
• تساهم هذه الظاهرة في تشويه صورة الشهادات الأكاديمية الحقيقية.
• تضعف الثقة العامة في الأنظمة التعليمية، خصوصًا عندما يكتشف الناس زيف هذه الشهادات بعد الترويج لها.

رابعًا: الأمثلة الواقعية على هذه الجهات
• “منظمات” تدعي أنها “جامعات دولية” أو “أكاديميات السلام العالمية”، لا وجود قانوني لها في الدول التي تزعم التمثيل عنها.
• منصات على الإنترنت تعرض شهادات دكتوراه “معتمدة” في أوروبا مقابل رسوم بسيطة.
• صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تُروّج لشهادات ممهورة بختم مزور وتطلب بيانات شخصية ومبالغ مالية.

خامسًا: التحذير القانوني والأكاديمي
1. عدم الاعتراف
• وزارات التعليم والجامعات الحقيقية في أوروبا وأمريكا لا تعترف بمثل هذه الجهات أو شهاداتها.
• هناك قوانين في بعض الدول تجرّم استخدام الشهادات المزيفة أو المنظمات التعليمية الوهمية.
2. الإضرار بالمصداقية الشخصية
• استخدام شهادة دكتوراه فخرية مزيفة قد يؤدي إلى فقدان السمعة أو حتى مقاضاة الشخص في بعض الحالات.
• يُعد ذلك شكلاً من أشكال الانتحال الأكاديمي، مما يؤثر سلبًا على مستقبل الفرد المهني أو الأكاديمي.

هُنا يجب على اي شخص كان التحقق من التالي قبل الوقوع في مطب الشهادة المزيفة “الفخرية” من خلال:

• التحقق من الجهة المانحة: لا تُقبل أي شهادة دون الرجوع إلى سجلات الاعتماد الأكاديمي الرسمية.
• تجنّب نشر أو استخدام الشهادات الفخرية الزائفة: فهي لا تحمل أي وزن علمي أو قانوني.
• التبليغ عن الجهات المزوّرة: يمكن إبلاغ الهيئات المختصة في البلد المعني أو المنظمات المعنية بحماية المستهلك.

الشهادات الفخرية غير الرسمية والمزيفة لا تخدم العلم ولا تكرّم مستحقيه، بل تُستخدم كأداة للتضليل والاحتيال. وعلى الأفراد والمؤسسات أن يكونوا على وعي بخطورة هذا النوع من الشهادات، وأن يرفضوا الانسياق وراء الأوهام التي تبيعها منظمات لا وجود قانوني لها.