شبكة إنماز نيوز – وحدة التحليل السياسي / تقرير خاص
في ظل التصعيد العسكري المتواصل بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومع دخول الولايات المتحدة الأمريكية على خط المواجهة المباشرة، بات الشرق الأوسط أقرب من أي وقت مضى إلى حرب شاملة قد تتطور إلى صراع عالمي ثالث يعيد تشكيل النظام الدولي برمته.
المؤشرات على الأرض تنذر بتوسع رقعة الحرب وتصعيد جيوسياسي خطير، خصوصاً في ظل دخول الطائرات الأمريكية مجال العمليات عبر قواعدها في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهادئ بضرب المنشأة النووية في إيران يوم أمس دعماً لإسرائيل، مقابل استنفار غير مسبوق في طهران، وعلى أثر نتائجها قد تتحرك قطاعات عسكرية في روسيا والصين نحو حالات تأهب قصوى.
أمريكا تضرب إيران وتدخل الحرب رسمياً بقصف سلاح الجو الأمريكي المنشآت النووية الإيرانية الثلاث الكبرى في أصفهان ونطنز وفوردو. وكما توقع الكثير من المراقبين، فإن نقل وحشد القوات الأمريكية في الايام الماضية كان تمهيداً لهذه الضربة. وحتى الآن، لا توجد رواية رسمية توضح مدى فاعلية الضربة أو حجم الخسائر، كما لم يُؤكد ما إذا كانت الولايات المتحدة قد استخدمت قنبلة نووية تكتيكية، كما أشار تقرير “نيويورك تايمز”، أم قنابل خارقة للتحصينات من النوع التقليدي.
في هذا السياق، كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على منصة “تروث سوشيال” متفاخراً بالضربة، قائلاً: “لا يوجد جيش آخر في العالم يستطيع فعل ذلك ويضرب مفاعلات إيران النووية، ويُذيل تغريدته بـالآن حان وقت السلام!”.
السيناريو الأكثر ترجيحاً في حال قررت إيران الرد يشمل قصف القواعد الأمريكية، أو إغلاق مضيق هرمز، أو حتى انخراط الحلفاء في المواجهة مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية، ما قد يعني دخول العالم في أتون حرب عالمية ثالثة.
وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام عن مسؤلين ايرانيين حول الاعتداء الامريكي على الأراضي الإيرانية بأنها فتح أبواب الجحيم في المنطقة.
وقد تطلب ايران المساعدة من حلفاؤها الدوليين التي لديها اتفاقات ضمنية معها، ليكون الرد متعدد الجبهات، ولن تقتصر الحرب على حدود إيران.”
كما أكد ذلك خبير العلاقات الدولية الروسي “سيرغي بولياكوف”، من معهد موسكو للدراسات الاستراتيجية: “روسيا تنظر إلى إيران كشريك استراتيجي في منع تمدد الناتو شرقاً، إذا تحولت الضربات الأمريكية إلى حرب، فذلك سيبرر تدخلنا المباشر إلى جانب طهران لحماية التوازن العالمي.”
العلاقات العسكرية والسياسية المتنامية بين إيران ودول مثل روسيا، الصين، باكستان، وكوريا الشمالية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج عقود من السياسات المضادة للهيمنة الأمريكية، فالصين ترتبط بإيران بمصالح نفطية واستراتيجية كبرى، ضمن مبادرة “الحزام والطريق”، وروسيا لديها مواقف رافضة للعقوبات الغربية أحادية الجانب ضد طهران.
وكذلك كوريا الشمالية تشترك مع إيران في معاداة واشنطن، وتبادل الخبرات العسكرية والتقنية.
وحتى تركيا رغم علاقاتها المتذبذبة مع كل من إيران وأمريكا، فإن اندلاع الحرب سيضعهما أمام خيارات مصيرية قد تجبرهما على الانحياز لمحور ايران الاقليمي الذي يحمي الأمن القومي ويمنع التدخل الاسرائيلي الامريكي تجاهها في قادم الفترات.
وفي ظل هذا التصعيد، يبدو العراق كأكثر الدول عرضة للتأثر المباشر، وبين ذلك في تصريح، حيث قال النائب عن لجنة الأمن والدفاع النيابية “كريم أبو سودة”: ان العراق ليس له علاقة بالحرب بين إسرائيل والجارة إيران، لذلك من المهم نأي البلاد عنها للحفاظ على الاستقرار الحالي وعدم الانجرار وبالتالي يكون العراق ساحة لمعركة هو ليس طرفاً فيها”، وبين ان العراق لن يكون ساحة حرب لأطراف خارجية، لكن الواقع الميداني قد يفرض نفسه، إذا ما اشتعلت الجبهة بين أمريكا وإيران، فإن وجود القواعد الأمريكية على أرضنا سيجعل البلاد في مرمى النيران.”
كما حذر مدير تحرير شبكة إنماز نيوز الصحافي الاقتصادي “علي كريم أذهيب” من تداعيات الحرب على السوق العراقية، قائلاً: “العراق يعتمد بنسبة كبيرة على الاستيراد من إيران وتركيا والصين، وفي حال نشوب حرب سيتعرض السوق إلى نقص حاد في السلع، إلى جانب تراجع الاستثمارات، وارتفاع التضخم بشكل كارثي.”.
وقد صرح مسؤول أمني عراقي فضل عدم الكشف عن اسمه – لـ”إنماز نيوز”: “ان الخطر الحقيقي ليس في الحرب التقليدية، بل في التورط في حرب متعددة الجبهات، حيث لن تستطيع إسرائيل ولا حتى أمريكا الصمود طويلاً في حال انخراط روسيا أو الصين عسكرياً”.
يبدو أن الحسابات الأمريكية بدأت تتغير تدريجياً، فبحسب مصدر دبلوماسي أوروبي مطلع، فإن هناك “اتصالات خلف الكواليس بين أطراف أوروبية وإيران وروسيا، تهدف لاحتواء الوضع ومنع الانزلاق نحو حرب عالمية”، وهو ما يؤكده مراقبون بأن المعادلة الحالية قد تُجبر واشنطن وتل أبيب على إعادة النظر في تصعيدهما.
إن الحرب الشاملة، إن اندلعت، ستعيد ترتيب التحالفات الدولية وتكسر التفوق الغربي الذي طالما اعتمد على تفكك خصومه.
دخول قوى مثل روسيا، الصين، وباقي حلفاء إيران إلى المعركة سيحول الشرق الأوسط إلى محور مقاومة واسع، قد يُجبر إسرائيل والولايات المتحدة على مراجعة خططهما العدوانية.
وإلى حين اتضاح المسارات، تبقى المنطقة على صفيح ساخن والعراق في قلب دائرة النار.