ترامب يضرب إيران: مهلة الأسبوعين مجرد خدعة تفاوضية أم مقدمة لنظام إقليمي جديد؟

شارك الخبر

شبكة إنماز نيوز – وحدة التحليل السياسي / تقرير خاص

في تحول مثير للجدل لم يلتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمهلة الزمنية التي تحدث عنها سابقاً بشأن الملف النووي الإيراني، واختار بدلاً من ذلك أن يوجه ضربة عسكرية مباشرة طالت منشآت نووية داخل إيران، في خطوة اعتبرها مراقبون تحولاً استراتيجياً له ما بعده، ليس فقط على صعيد العلاقات الأميركية-الإيرانية، بل على مستوى توازنات القوى في الشرق الأوسط عموماً، وأمن العراق على وجه الخصوص.

المهلة التفاوضية.. مناورة أمريكية أم فرصة ضائعة؟

يرى المحلل السياسي “عقيل عباس الدعمي”، في تصريح خاص لـ”إنماز نيوز” من الولايات المتحدة، أن مهلة الأسبوعين التي حددها ترامب لم تكن سوى مناورة دبلوماسية محسوبة الأهداف.
ويوضح الدعمي أن ترامب حاول من خلال تلك المهلة أن يمنح مساحة تفاوضية لكافة الأطراف:
“كان الهدف منح الإيرانيين فرصة لحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام، ومنح الأوروبيين مساحة لإعادة صياغة موقفهم التفاوضي، بينما يمنح ترامب نفسه غطاءً سياسياً لتحرك محتمل”، مضيفاً أن “الرئيس الأميركي استخدم ما يمكن تسميته بسياسة الخديعة الاستراتيجية، حيث أوهم المراقبين بأن الفرصة تفيد الطرفين، ثم تراجع فجأة ووجه ضربة مباشرة لإيران، ما يدل على أن الضغوط الأميركية تسعى إلى فرض حلول بالقوة لا بالتفاوض.”

ضربة عسكرية بلا إعلان.. ومخاوف من التصعيد

من جانبه، قال المحلل السياسي “نبيل ميخائيل” من واشنطن في حديثه لـ”إنماز نيوز” إن الرئيس ترامب تجاوز المهلة الزمنية بشكل غير مبرر، و”اتخذ قراراً حاسماً بقصف منشآت نووية إيرانية، ما يمثل في الواقع هزيمة لإيران على المستوى العسكري، لكنه قد يفتح الباب على مصراعيه لتصعيد خطير”.
وأضاف ميخائيل: “إيران لن تقف مكتوفة الأيدي، ومن المتوقع أن تتجه لتعزيز وجودها القومي وقد تنفذ عمليات ضد أهداف أميركية أو إسرائيلية كرد فعل على الضربة، لكنها قد تتريث في استهداف القواعد الأميركية المباشرة، خاصة في ظل موجة الغضب العربي والإسلامي المتصاعدة ضد واشنطن”، ويتابع ميخائيل : “ان ما حدث هو بداية لتوتر أكبر في المنطقة، وستعقبه أحداث قد تكون أعنف وأشمل.”

هل العراق في قلب العاصفة؟

بدوره، خص الخبير في الشأن الأمني د. “أحمد الشريفي” شبكة “إنماز نيوز” برؤية تحليلية للأبعاد الإقليمية والأمنية لهذا التصعيد، قائلاً “إن تدخل الولايات المتحدة المباشر في الحرب ضد إيران يفتح تساؤلات عميقة حول طبيعة هذه الحرب: “هل هي حروب أوزان وأدوار أميركية؟ أم هي حرب حدود؟ أم أنها تتحول إلى حرب وجود بأبعاد عقائدية دينية؟”، موضحاً الشريفي أنه “في حال تحولها إلى صراع ديني، فإن الشارع العربي والإسلامي سيتفاعل معها بصورة مختلفة تماماً”.
ويشير الشريفي إلى أن “الداخل الإسرائيلي يعيش حالة ضغط غير مسبوقة، خصوصاً بعد فشل منظومة القبة الحديدية في صد اغلب الهجمات، وهو ما دفع ترامب إلى الانخراط في الحرب إلى جانب إسرائيل، لمواجهة استراتيجية إيران القائمة على النفس الطويل، والتي تسعى لاستنزاف إسرائيل تدريجياً”.
ويضيف الشريفي: “الضربات الأميركية على المفاعلات النووية الإيرانية تمثل بوابة لمرحلة جديدة من النظام الإقليمي، حيث تتكامل الأدوار بين إسرائيل إقليمياً، والولايات المتحدة دولياً، ضمن رؤية لشرق أوسط جديد يُعاد تشكيله بالقوة لا بالدبلوماسية.”

انعكاسات محتملة على أمن العراق

لا يخفى على المتابعين أن أي مواجهة أميركية-إيرانية ستكون لها انعكاسات مباشرة على العراق، سواء من حيث أمنه الداخلي أو موقعه الجيوسياسي، فالعراق الذي تتقاطع فيه النفوذ الأميركي والإيراني، قد يجد نفسه في قلب صراع لا يملك قراره، ما يجعله ميداناً لتصفية الحسابات أو ساحة للرسائل المتبادلة بين القوى الكبرى.

ومع تزايد التوتر في المنطقة، واندفاع الأحداث نحو التصعيد، يبدو أن الضربة الأميركية لإيران لم تكن نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة شديدة التعقيد، سياسياً وأمنياً، وستكون الأيام القادمة حاسمة في رسم ملامح النظام الإقليمي الجديد، وفي تحديد ما إذا كانت المنطقة مقبلة على تسوية كبرى.. أم على انفجار شامل.