فدى الحاج – شبكة إنماز نيوز
في زمن يفترض أن يكون الإعلام فيه السلطة الرابعة وصوت الحقيقة، نرى مشهدًا يثير الاستغراب والاشمئزاز معًا: سياسيون يتعاملون مع الصحفيين بقلّة أدب، وتصرّفات لا تليق بمقام المسؤولية ولا بمن يحمل صفة “مبعوث”.
لم يعد الأمر يقتصر الحضور المتعالي بين المسؤول والصحافي ،بل تجاوز إلى السخرية، رفع الصوت، التهكّم، وأحيانًا الإهانة العلنية، وكأن السياسي بات في موقع وصاية على الرأي العام.
التساءل المطروح: هل المسؤول أو السياسي جبان يخشى سؤالًا قد يربكه، فيلجأ إلى أسلوب متغطرس يوحي له بأنه فوق المساءلة؟
الصحافة هي مهنة تُعتبر أساس الديمقراطية، فبدون حرية الإعلام، تتحول الحقيقة إلى سلعة نادرة وبذلك ان اهانتها أسلوب مرفوض قانونيا بل يجب المحاسبة عليها.
عندما يسيء مسؤول رفيع إلى صحفي، فالأمر لا يقتصر على إساءة شخصية، بل هو اعتداء على مبدأ دستوري يكفل حرية الإعلام وحق المجتمع في المعرفة، نحن نعلم ان الدولة هي ممثلة بأجهزتها الرقابية والقضائية فهي أيضا ملزمة أخلاقيا وقانونيا بفرض معايير صارمة بحق كل من يتجاوز على كرامة الصحافيين ومطالبته بالاعتذار او معاقبته مهما علا شأنه، او كبرت مكانته لان احترام الفرد يُبنى على احترام الدولة، اما السماح مثل هذا التطاول فيعطي انطباعا” بغياب احترام المؤسسات الدستورية.
ان المبعوث الأمريكي الذي اتى وفي جعبته ورقة استخفاف بقدرة شعب لطالما واجه العدوان الإسرائيلي بمفرده وصبر على جراحه يقف من داخل قصر الرئاسة ليهين عددا” من الصحفيين الحاضرين ، وينعتهم بصفة “الحيونة” دون أي رادع وكأنه لا يفقه معنى الادب والاحترام. نحن تأتي المقارنة المتطابقة في وجه الشبه بين قتل الصحافيين برصاص العدوان وبين قتلهم بالكلمة المسيئة وشتمهم والتقليل من مكانتهم المهنية.
ان احترام الصحفي واجب مؤسسي وليس خيارًا شخصيًا، وأي تقاعس عن ردع من يستخف بهذا الحق، وخاصة إذا كان من قمة السلطة، هو خيانة لمبادئ الدولة وتهديد لمستقبل الديمقراطية.

